الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      والذي يتحفظ بتقليد المستولي من قوانين الشرع سبعة أشياء ، فيشترك في التزامها الخليفة الولي والأمير المستولي ووجوبها في جهة المتولي أغلظ :

                                      أحدها : حفظ منصب الإمامة في خلافة النبوة وتدبير أمور الملة ، ليكون ما أوجبه الشرع من إقامتها محفوظا وما تفرع عنها من الحقوق محروسا .

                                      والثاني : [ ص: 40 ] ظهور الطاعة الدينية التي يزول معها حكم العناد فيه وينتفي بها إثم المباينة له .

                                      والثالث : اجتماع الكلمة على الألفة والتناصر ليكون للمسلمين يد على من سواهم .

                                      والرابع : أن تكون عقود الولايات الدينية جائزة والأحكام والأقضية فيها نافذة لا تبطل بفساد عقودها ، ولا تسقط بخلل عهودها .

                                      والخامس : أن يكون استيفاء الأموال الشرعية بحق تبرأ به ذمة مؤديها ويستبيحه آخذها .

                                      والسادس : أن تكون الحدود مستوفاة بحق وقائمة على مستحق ; فإن جنب المؤمن حمي إلا من حقوق الله وحدوده .

                                      والسابع : أن يكون الأمير في حفظ الدين ورعا عن محارم الله يأمر بحقه إن أطيع ويدعو إلى طاعته إن عصي ، فهذه سبع قواعد في قوانين الشرع يحفظ بها حقوق الإمامة وأحكام الأمة فلأجلها وجب تقليد المستولي ; فإن كملت فيه شروط الاختيار كان تقليده حيا استدعاء لطاعته ودفعا لمشاقته ومخالفته ، وصار بالإذن له نافذ التصرف في حقوق الملة وأحكام الأمة وجرى على من استوزره واستنابه لأحكام من استوزره الخليفة واستنابه وجاز أن يستوزر وزير تفويض ووزير تنفيذ فإن لم يكمل في المتولي شروط الاختيار جاز للخليفة إظهار تقليده استدعاء لطاعته وحسما لمخالفته ومعاندته ، أو كان نفوذ تصرفه في الأحكام والحقوق موقوفا على أن يستنيب له الخليفة فيها لمن قد تكاملت فيه شروطها ليكون كمال الشروط فيمن أضيف إلى نيابته جبرا لما أعوز من شروطها في نفسه فيصير التقليد للمستولي والتنفيذ من المستناب .

                                      وجاز مثل هذا وإن شذ عن الأصول لأمرين : أحدهما أن الضرورة تسقط ما أعوز من شروط المكنة .

                                      الثاني : أن ما خيف انتشاره من المصالح العامة تخفف شروطه عن شروط المصالح الخاصة ، فإذا صحت إمارة الاستيلاء كان الفرق بينها وبين إمارة الاستكفاء من أربعة أوجه : أحدها أن إمارة الاستيلاء متعينة في المتولي وإمارة الاستكفاء مقصورة على اختيار المستكفي .

                                      والثاني : أن إمارة الاستيلاء مشتملة على البلاد التي غلب عليها المتولي ، وإمارة الاستكفاء مقصورة على البلاد التي تضمنها عهد المتكفي .

                                      والثالث : أن إمارة الاستيلاء تشتمل على معهود النظر ونادره ، وإمارة الاستكفاء مقصورة على معهود النظر دون نادره .

                                      والرابع : أن وزارة التفويض تصح في [ ص: 41 ] إمارة الاستيلاء ولا تصح في إمارة الاستكفاء لوقوع الفرق بين المستولي ووزيره في النظر ، لأن نظر الوزير مقصور على المعهود ، وللمستولي أن ينظر في النادر والمعهود ، وإمارة الاستكفاء مقصورة على النظر المعهود فلم تصح معها وزارة تشتمل على مثلها من النظر المعهود لاشتباه حال الوزير بالمستوزر

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية