الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2626 [ 1511 ] وعن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هل لك في أختي عزة بنت أبي سفيان؟ فقال: أفعل ماذا؟ قلت: تنكحها قال: "أوتحبين ذلك؟ " قلت: لست لك بمخلية وأحب من يشركني في الخير أختي. قال: "فإنها لا تحل لي". قلت: فإني أخبرت أنك تخطب درة بنت أبي سلمة قال: "بنت أم سلمة؟ ". قلت: نعم قال: " لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأباها ثويبة فلا تعرضن علي أخواتكن، ولا بناتكن".

                                                                                              رواه البخاري (5101)، ومسلم (1449)، وأبو داود (2056)، والنسائي ( 6 \ 96 )، وابن ماجه (1939). [ ص: 181 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 181 ] و (قولها: لست لك بمخلية ) - بضم الميم، وسكون الخاء، وكسر اللام - اسم فاعل من: أخلى، يخلي؛ أي: لست بمنفردة بك، ولا خالية من ضرة.

                                                                                              و ( درة ): الصحيح في هذا الاسم: بضم الدال المهملة. ووقع لبعض الرواة: ذرة - بفتح الذال المعجمة - وكأنه وهم.

                                                                                              و (قوله: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي ) تقييد تحريم الربيبة هنا بكونها في حجر المتزوج؛ كتقيدها به في قوله تعالى: وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم... [النساء: 23] وبهذا التقييد تمسك داود ، فقال: لا تحرم الربيبة إلا إذا كانت في حجر المتزوج بأمها. وجمهور العلماء من السلف والخلف على أن ذلك ليس بشرط في التحريم، وإنما خرج ذلك القيد على تعريفهن بغالب أحوالهن.

                                                                                              قال ابن المنذر : قد أجمع كل من ذكرناه، وكل من لم نذكره من علماء الأمصار على خلاف قول داود . وقد احتج بعضهم على عدم [ ص: 182 ] اشتراط الحجر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن ) ولم يقل: اللاتي في حجري.

                                                                                              و (قوله: إنها ابنة أخي من الرضاعة ) هذا حجة على أن لبن الفحل يحرم كما تقدم. وفيه تنبيه على جواز تعليل الحكم بعلتين؛ فإنه علل تحريمها: بأنها ربيبة، وابنة أخ. وقد اختلف الأصوليون في ذلك، والصحيح جوازه لهذا الحديث وغيره.

                                                                                              و ( ثويبة ) - بضم الثاء المثلثة، وفتح الواو، وياء التصغير -: تصغير: ثوبة؛ وهي المرة الواحدة، من: ثاب: إذا رجع. يقال: ثاب، يثوب، ثوبا، وثوبة. وثويبة هذه: جارية لأبي لهب ، كانت أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا سلمة ، ولأجل رضاعها للنبي صلى الله عليه وسلم سقي أبو لهب نطفة من ماء في جهنم؛ وذلك أنه جاء في الصحيح: أنه رئي في النوم. فقيل له: ما فعل بك؟ فقال: سقيت في مثل هذه، وأشار إلى ظفر إبهامه.

                                                                                              و (قوله: فلا تعرضن علي بناتكن، ولا أخواتكن ) أي: بلفظ الجمع وإن كانتا اثنتين؛ ردعا وزجرا أن يعود له أحد بمثل ذلك. ولذلك يحسن من المنكر على المرأة مثلا المكلمة لرجل واحد أن يقول: أتكلمين الرجال يا لكعاء؟ !




                                                                                              الخدمات العلمية