الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    ومن ذلك : لو استأجر غلاما ، فوقعت الأكلة في طرف من أطرافه ، بحيث لو لم يقطعه سرى إلى نفسه فقطعه ، لم يضمنه لمالكه .

                    ومنها : لو اشترى صبرة طعام في دار رجل ، أو خشبا : فله أن يدخل داره من الدواب والرجال من يحول ذلك ، وإن لم يأذن له المالك وأضعاف أضعاف هذه المسائل ، مما جرى العمل فيه على العرف والعادة ، ونزل ذلك منزلة النطق الصريح ، اكتفاء بشاهد الحال عن صريح المقال .

                    والمقصود : أن الشريعة لا ترد حقا ، ولا تكذب دليلا ، ولا تبطل أمارة صحيحة .

                    وقد أمر الله سبحانه بالتثبت والتبين في خبر الفاسق ، ولم يأمر برده جملة .

                    فإن الكافر الفاسق قد يقوم على خبره شواهد الصدق .

                    فيجب قبوله والعمل به .

                    وقد { استأجر النبي صلى الله عليه وسلم في سفر الهجرة دليلا مشركا على دين قومه ، فأمنه ، ودفع إليه راحلته } .

                    فلا يجوز لحاكم ولا لوال رد الحق بعد ما تبين ، وظهرت [ ص: 24 ] أماراته لقول أحد من الناس . والمقصود أن " البينة " في الشرع : اسم لما يبين الحق ويظهره ، وهي تارة تكون أربعة شهود ، وتارة ثلاثة بالنص في بينة المفلس .

                    وتارة شاهدين ، وشاهدا واحدا ، وامرأة واحدة ، وتكون نكولا ويمينا ، أو خمسين يمينا ، أو أربعة أيمان .

                    وتكون شاهد الحال في الصور التي ذكرناها وغيرها ، فقوله صلى الله عليه وسلم { البينة على المدعي } أي عليه أن يظهر ما يبين صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حكم له .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية