الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. ( القسم الثالث ) أن يطلب الداعي من الله تعالى نفي ما دل القاطع العقلي على ثبوته مما يخل بجلال الربوبية وله أمثلة :

( الأول ) أن يسأل الله تعالى سلب علمه أو عالميته القديمة حتى يستتر العبد في قبائحه ويستريح من اطلاع ربه على فضائحه ، وقد دل القاطع العقلي على وجوب ثبوت العلم لله تعالى أزلا وأبدا فيكون هذا الداعي طالبا لقيام الجهل بذات الله تعالى وهو كفر .

( الثاني ) أن يسأل الله تعالى سلب قدرته القديمة يوم القيامة حتى يأمن من المؤاخذة ، وقد دل القاطع العقلي على وجوب القدرة لله تعالى أزلا أبدا لا تقبل التغيير [ ص: 262 ] ولا الفناء فطلب عدمها طلب لعجز الله تعالى وهو كفر .

( الثالث ) أن يسأل الله تعالى سلب استيلائه عليه وارتفاع قضائه وقدره حتى يستقل الداعي بالتصرف في نفسه ويأمن من سوء الخاتمة من جهة القضاء ، وقد دل القاطع العقلي على شمول إرادة الله تعالى واستيلائه على جميع الكائنات فيكون الداعي طالبا لسلب ذلك فيكون دعاؤه كفرا وألحق بهذه المثل نظائرها

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

قال ( القسم الثالث أن يطلب الداعي من الله تعالى نفي ما دل القاطع العقلي على ثبوته مما يخل بجلال الربوبية وله أمثلة : الأول أن يسأل الداعي من الله تعالى سلب علمه أو عالميته القديمة حتى يستتر العبد في قبائحه ويستريح من اطلاع ربه عليه إلخ . الثاني أن يسأل الله تعالى سلب قدرته القديمة يوم القيامة حتى يأمن المؤاخذة )

قلت ما قاله في ذلك ليس بصحيح فإن طلب نفي العلم والقدرة ليس طلبا لضدهما وهما الجهل والعجز كما قال لجواز غفلة الداعي وإضرابه عنهما وعلى تقدير عدم الغفلة والإضراب إنما يكون ذلك بالتكفير بالمآل والله تعالى أعلم [ ص: 262 ] قال ( الثالث أن يسأل الله تعالى سلب استيلائه عليه وارتفاع قضائه وقدره حتى يستقل الداعي بالتصرف في نفسه ويأمن من سوء الخاتمة من جهة القضاء ، وقد دل القاطع العقلي على شمول إرادة الله تعالى واستيلائه على جميع الكائنات فيكون الداعي طالبا لسلب ذلك فيكون دعاؤه كفرا وألحق بهذه المثل نظائرها ) قلت قد سبق أن كون أمر ما كفرا إنما هو وضع شرعي ، فإن ثبت أن طلب ذلك كفر فهو كذلك وإلا فلا . هذا إذا أراد أن عين الطلب هو الكفر وإن أراد أنه يستلزم الكفر وهو الجهل يكون سلب الاستيلاء مما تتعلق به القدرة أو لا تتعلق فهو من التكفير بالمآل والله تعالى أعلم .



حاشية ابن حسين المكي المالكي

( والقسم الثالث ) أن يطلب الداعي من الله تعالى نفي ما دل القاطع العقلي على ثبوته مما يخل بإجلال الله تعالى ومن أمثلته أن يسأل الداعي من الله تعالى سلب علمه أو عالميته القديمة حتى يستتر العبد في قبائحه ويستريح من اطلاع ربه على فضائحه ، وقد دل القاطع العقلي على وجوب ثبوت العلم لله تعالى أزلا وأبدا ، ومنها أن يسأل الله تعالى سلب استيلائه عليه وارتفاع قضائه وقدره حتى يستقل الداعي بالتصرف في نفسه ويأمن سوء الخاتمة من جهة القضاء ، وقد دل القاطع العقلي على شمول إرادة الله تعالى واستيلائه على جميع الكائنات .




الخدمات العلمية