خلاصة الفتوى:
زواج المتعة قد أبيح للمسلمين ثم نسخ حله وحرم عليهم بعد ذلك، والأحاديث التي ورد فيها ثابتة صحيحة، وكذا ما ورد من سؤال الصحابة واستئذانهم في الاختصاء كل ذلك ثابت بصحيح السنة لا يجوز رده لشبه داحضة وأهواء باطلة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزواج المتعة قد أبيح في الشرع لحكمة يعلمها المولى سبحانه وأذن فيه، ثم حرم وذلك كله ثابت صحيح في صحيح السنة لا مجال للطعن فيه، وليس مدسوساً كما تقول. وعلماء الجرح والتعديل وأهل الحديث قد بينوا الصحيح من السقيم وذكر الموضوع حتى قيل لو وضع حديث في المشرق لأصبح الناس في المغرب يتحدثون بأنه قد وضع، وذلك لكمال عناية العلماء بالسنة ورجالها وتمييز صحيحها من سقيمها، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 13678، والفتوى رقم: 69097 ففيهما مزيد بيان وإيضاح.
وأما الخصاء فعلى افتراض أن العرب لم تكن تفعله برجالها فإنها كانت تعرفه وتفعله بدوابها، وسؤال الصحابة واستئذانهم فيه الثابت يدل على أنه كان معروفاً عندهم، وللفائدة أكثر في ذلك انظر الفتوى رقم: 2587.
والذي ننصح به هو أن الحد من الجرأة على الدين والتقول فيه بغير علم، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ {النحل:116}، وأن يكلوا أمره على من يعلم، فإن اشكل عليهم بعضه فليستفتوا عنه استفتاء من يجهل ويطلب العلم، كما قال تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {الأنبياء:7ْ}، وقوله تعالى: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً {النساء:83}.
فالحذر الحذر من مثل ذلك، فإن التقول على الله والكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر وأشد المنكرات، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والكذب عليه قد يكون بإثبات ما لم يقله ونسبته إليه، وقد يكون بنفي ما قاله وثبت عنه، نسأل الله العلي العظيم أن يعيذنا وإياك أن نكون من أولئك، وأن يوفقنا للحق ويهدينا لما اختلف فيه منه بإذنه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.