خلاصة الفتوى:
تعلم الموسيقى لا يجوز واستعمالها في قراءة القرآن حرام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتعلم الموسيقى لا يجوز؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. رواه البخاري وغيره، والمعازف جمع معزف وهو اسم لما يعزف عليه.
وأما بخصوص قراءة القرآن بالموسيقى فهو محرم، ويتنافى كل المنافاة مع الأدب مع كلام الله عز وجل، وقد بحث الإمام ابن القيم في كتابه القيم زاد المعاد في هدي خير العباد مسألة حكم التغني بالقرآن بحثاً شيقاً وانتهى إلى ما قررناه، وإليك خلاصة ما انتهى إليه، فقد قال رحمه الله تعالى: وفصل النزاع، أن يقال: التطريب والتغني على وجهين، أحدهما: ما اقتضته الطبيعة، وسمحت به من غير تكلف ولا تمرين ولا تعليم، بل إذا خلي وطبعه، واسترسلت طبيعته، جاءت بذلك التطريب والتلحين، فذلك جائز؛ وإن أعان طبيعته بفضل تزيين وتحسين، كما قال أبو موسى الأشعري للنبي صلى الله عليه وسلم: لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيراً. والحزين ومن هاجه الطرب والحب والشوق لا يملك من نفسه دفع التحزين والتطريب في القراءة، ولكن النفوس تقبله وتستحليه لموافقته الطبع، وعدم التكلف والتصنع فيه، فهو مطبوع لا متطبع، وكلف لا متكلف، فهذا هو الذي كان السلف يفعلونه ويستمعونه، وهو التغني الممدوح المحمود، وهو الذي يتأثر به التالي والسامع، وعلى هذا الوجه تحمل أدلة أرباب هذا القول كلها.
الوجه الثاني: ما كان من ذلك صناعة من الصنائع وليس من الطبع السماحة به، بل لا يحصل إلا بتكلف وتصنع وتمرن، كما يتعلم أصوات الغناء بأنواع الألحان البسيطة والمركبة على إيقاعات مخصوصة، وأوزان مخترعة، لا تحصل إلا بالتعلم والتكلف، فهذه هي التي كرهها السلف، وعابوها، وذموها، ومنعوا القراءة بها، وأنكروا على من قرأ بها، وأدلة أرباب هذا القول إنما تتناول هذا الوجه.
وبهذا التفصيل يزول الاشتباه ويتبين الصواب من غيره، وكل من له علم بأحوال السلف، يعلم قطعاً أنهم برآء من القراءة بألحان الموسيقى المتكلفة، التي هي إيقاعات وحركات موزونة معدودة محدودة، وأنهم أتقى لله من أن يقرؤوا بها، ويسوغوها. انتهى.
فدونك ما قال رحمه الله فلا تحد عنه، وفقك الله لما فيه الخير.
والله أعلم.