الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل بيان حكم زكاة أجرة العقار نبين حكم عقد الإجارة بأحد النظامين اللذين ذكرتهما فنقول:
النظام الأول: وهو عقد الإجارة شهريا مدى الحياة مع عدم قدرة المالك على فسخ الإجارة عند نهاية كل شهر لا تصح به الإجارة، لأنه لا بد أن تحدد الإجارة بمدة وتجوز شهريا بدون تحديد مدة لكن بشرط أن يكون لكل من المؤجر والمستأجر حق الفسخ نهاية كل شهر.
وأما عقدها تسعة وستين سنة بأجرة محددة فجائزة، ولا يحق لأحد الطرفين فسخها بغير رضا الآخر قبل انقضاء المدة لأن الإجارة عقد لازم من الطرفين، ولا حرج في دفع نحو ثلث ثمن العقار كجزء من الإجارة، ثم دفع نصف قيمة الإيجار حتى يستنفد ما قدمه ثم يدفع كامل الأجرة كما مثلت في السؤال، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغا مقطوعا زائدا عن الأجرة الدورية (وهو ما يسمى في بعض البلاد خلوا)، فلا مانع شرعا من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءا من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.
وأما النظام الثاني: فجائز لا شيء فيه.
وأما زكاة هذه العقارات المؤجرة فلا تجب، وإنما تجب في أجرتها إذا كانت نصابا بنفسها أو بانضمامها إلى غيرها وحال عليها الحول، فلو أجر البيت لمدة سنتين ودفع إليه أربعون ألفا أجرة لها مقدمة، وحال عليها الحول وجبت زكاة عشرين ألفا لأنه استقر عليها ملكه، وفي السنة الثانية يزكيها كذلك مع خصم قدر الزكاة الذي دفعه منها في السنة الماضية، وأما العشرون الثانية فتجب زكاتها في السنة الثانية لسنتين لأنه تبين أنه ملكها من أول سنة، وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في زكاة الأجرة المقبوضة مقدما في الفتوى رقم: 58106، كما ذكرنا أقوالهم في زكاة أجرة العقارات على العموم في الفتوى رقم: 19847، وراجع الفتوى رقم: 15966.