الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما تم بين الأب وولده وابنته من الاتفاق على الاشتراك في بناء البيت لا يصح لما فيه من الجهالة والغرر، فإن مقدار ما دفعه الأب من رأس المال في بناء البيت مجهول، ومعلومية رأس المال في الشركة شرط لصحتها باتفاق الفقهاء، جاء في الإنصاف من كتب الحنابلة: من شرط صحة الشركة أن يكون المالان معلومين. ومثل ذلك في بقية المذاهب، وإذا فسدت الشركة في البناء فإن الطابقين الأولين من نصيب الولد الأكبر والبنت الكبرى لأنهما بنياهما من مالهما، وعليهما أن يجتهدا في تقدير ما أنفق والدهما عليهما من ماله طوال سنوات البناء فيردانه عليه.
أما الطابق الثالث فهو من نصيب الابن الثاني والثالث لأنهما بنياه من مالهما، وإذا وهبت البنت نصيبها في الطابقين لأبيها فلها ذلك ولأبيها أن يتصرف فيما وهبت له بعد حيازته له بما أحب من أنواع التصرف المشروع سواء بالهبة أو غيرها، لكن يلزمه في الهبة لأحد أولاده أن يعدل في ذلك بينه وبين أولاده الآخرين بحيث يعطي كل واحد منهم مثل ما أعطى غيره، فإذا أعطى أحد الأولاد غرفة فليعط الآخرين كذلك غرفة أو قيمة هذه الغرفة وإلا فليسترجع هذه الغرفة ولا يعطي أحداً منهم شيئاً، هذا فيما يتعلق ببناء الأرض، أما ما يتعلق بالأرض ذاتها فلكل واحد من الأب والابن والابنة من ملكيتها وملكية هوائها بمقدار ما دفع.
وعليه فيثبت للأب إن لم يكن قد وهب هواء الأرض لأولاده، في ذمة كل من الابن والبنت الأكبرين وكذلك الابن الثاني والثالث ما يعادل نصيبه في ثمن المثل لهذا الهواء، وكذلك الحال بالنسبة للابن والبنت الأكبرين يثبت لهما في ذمة أخويهما الثاني والثالث مثل ذلك، وعلى كل حال فالذي ننصح به هو أن يتفاهم الأب مع أولاده وأن يحاول الأبناء قدر المستطاع إرضاء أبيهم، فإذا لم يمكن التفاهم فلا مندوحة من رفع الأمر للقضاء للنظر فيه، وراجع للمزيد من الفائدة والبيان الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52138، 94361 .
والله أعلم.