الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لأحد أن يعبد الله تعالى بشيء من العبادات الواردة في الشرائع السابقة إلا إذا أقرتها الشريعة الإسلامية، وورد التعبد بها لله تعالى في الشريعة الإسلامية، كما أن الكتب التي بأيدي اليهود والنصارى الآن ليست هي التوراة والإنجيل اللذين أنزلهما الله تعالى على موسى وعيسى عليهما السلام، بل قد دخلهما التحريف والتبديل فاختلط الحق بالباطل.
وبيان ذلك أن الشريعة الإسلامية التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسخة للشرائع السابقة بالإجماع، فما أثبتته الشريعة الإسلامية حقاً فهو حق وما سوى ذلك فهو منسوخ أو باطل، قال الله تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ {المائدة:48}، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني. رواه أحمد والدارمي.
وعيسى بن مريم عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان فإنه لا يخرج عن الشريعة المحمدية ولا يحيد عنها كما تدل على ذلك الأحاديث، ثم إن الكتب التي بأيدي أهل الكتاب دخلها الكثير من التحريف والتزوير، فما فيها من العبادات والتكاليف فإنه لا يمكننا الجزم بأنها من شريعة أولئك الأنبياء الذين نسبت إليهم تلك الكتب، بل إننا نجزم أن أكثر ذلك ضلالات ابتدعها من حرفوها وبدلوها، ومن المفيد أن يعلم أن التكاليف والعبادات التي في تلك الكتب على ثلاثة أقسام:
الأول: ما هو مشروع في ديننا مع كونه كان مشروعاً لهم أو لا نعلم أنه كان مشروعاً لهم ولكن هم يفعلونه، وهذا نتعبد الله به لأنه مما جاءت به الشريعة الإسلامية كصوم يوم عاشوراء وكأصل الصيام والزكاة.
الثاني: ما كان مشروعاً لهم ثم نسخه شرع القرآن بالكلية كالسبت أو تحريم أكل الشحوم وكل ذي ظفر، فهذا يحرم علينا التعبد به لأنه منسوخ.
الثالث: ما لم يكن مشروعاً بحال وإنما هم أحدثوه، ومعلوم أنه لا يجوز التعبد به، وننبه إلى أن الجمع بين العقيدة النصرانية التي تدعو إلى الكفر بالله تعالى والتثليث وبين الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى التوحيد كفر، ولا يصح إيمان العبد حتى يكفر بتلك العقائد الكفرية المزورة على الأنبياء. والله أعلم.