الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما سألتك إياه زوجتك من السفر كثيرا إلى أهلها، وتحديد مصروف خاص زائد على النفقة الواجبة عليك لها والسماح لها بالمكث خارج بيتها مع صديقاتها ونحو ذلك لا يجب عليك، وليس لها الحق أن تمتنع من العودة إليك والانتقال معك باشتراط ذلك. وإن امتنعت وتمنعت بأهلها فهي عاصية لله تعالى ناشز، ومن أعانها على ذلك فهو شريك لها في الإثم، كما لا يجوز لها أن تسألك الطلاق أو الخلع لما ذكرت، ولا يجوز لولي أمرها ذلك وهذا من إعانتها على الإثم، وانظر الفتويين رقم: 52707، 24956، ولكنا ننصحك بمحاولة الإصلاح وترضيتها بما أمكن من ذلك مما لا ضرر عليك فيه لمصلحة الأبناء واجتماع شمل الأسرة.
فإن أصرت على الخلع فلا حرج عليك في قبوله، ويجوز أن يكون برد المهر كاملا أو نحوه حسبما تتفقان عليه من ذلك، قال تعالى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا {البقرة:229}.
قال ابن العربي: قيل: أن تكون المرأة تكره الرجل حتى تخاف أن لا تقيم حدود الله بأداء ما يجب عليها له أو أكثره إليه، ويكون الزوج غير مانع لها ما يجب عليه أو أكثره، فإذا كان هذا حلت الفدية للزوج. انتهى. كما يجوز أن يكون مقابل نفقة الأولاد عند الحنابلة والشافعية بشرط التحديد ونفي الجهالة، قال ابن قدامة في المغني: إن خالعها على كفالة ولده عشر سنين، صح، وإن لم يذكر مدة الرضاع منها، ولا قدر الطعام والأدم، ويرجع عند الإطلاق إلى نفقة مثله. وقال الشافعي: لا يصح حتى يذكر مدة الرضاع، وقدر الطعام وجنسه، وقدر الإدام وجنسه، ويكون المبلغ معلوما مضبوطا بالصفة كالمسلم فيه، وما يحل منه كل يوم.
وأما حضانة الأولاد بعد الخلع فهي حق لأمهم ما لم يقم بها مانع من فسق أو تزويج، وقد سبق في الفتوى رقم: 72018، أقوال أهل العلم فيما يترتب على ما لو تنازلت المرأة عن حق الحضانة مقابل الطلاق، لأن العبرة بمحل إقامة ولي أمر المحضون، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6256، 94770، 94072.
والله أعلم