الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق المتهاون بها أو مضيعها، فقد قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، وتارك الصلاة جاحداً لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها كسلاً لا يكون كافرا بذلك عند جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنفية وخلافاً للحنابلة القائلين بكفره، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 5259.
وبناءً على مذهب الجمهور من عدم كفر تارك الصلاة كسلاً فيجب عليه قضاء جميع الصلوات التي تركها، وإذا لم يكن ضابطاً لعددها فليواصل القضاء حتى يغلب على ظنه براءة الذمة. وكيفية قضاء هذه الفوائت الكثيرة سبق بيانها في الفتوى رقم: 61320.
فإذا قام بقضاء هذه الفوائت وتاب توبة صادقة من تركه للصلاة فتكفر عنه هذه المعصية، وإذا كان الشخص تاركاً للصلاة كسلاً ونال الشهادة في سبيل الله تعالى فإنه يعتبر شهيداً، كما تقدم في الفتوى رقم: 23310.
والشهادة في سبيل الله تعالى مكفرة لجميع الذنوب باستثناء حقوق الآدميين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه الإمام مسلم وغيره. وفي شرح صحيح مسلم للنووي: فيه هذه الفضيلة العظيمة للمجاهد وهي تكفير خطاياه كلها إلا حقوق الآدميين، وإنما يكون تكفيرها بهذه الشروط المذكورة، وهو أن يقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر، وفيه أن الأعمال لا تنفع إلا بالنية والإخلاص لله تعالى. انتهى.
فنوصيك يا أخي الحبيب أن تعزم النية على المحافظة على صلواتك، وتستعين بالله تعالى، وتتخذ لذلك التدابير المعينة كمجالسة الصالحين وصحبة الأخيار وحضور مجالس العلم والذكر وتدبر القرآن وما فيه من الوعيد للمعاندين والوعد للطائعين. نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياك إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.