الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالنظر في المصحف عبادة، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: القراءة في المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب، لأنها تجمع القراءة والنظر في المصحف وهو عبادة أخرى، كذا قاله القاضي حسين وغيره من أصحابنا. ونص عليه جماعات من السلف ولم أر فيه خلافاً، ولعلهم أرادوا بذلك في حق من يستوي خشوعه وحضور قلبه في الحالين، فأما من يزيد خشوعه وحضور قلبه وتدبره في القراءة عن ظهر القلب فهي أفضل في حقه.
وعليه فلا مانع من نظر والدتك في المصحف، سواء فتحته في المكان الذي تقرأ فيه أو غيره؛ لأن هذا النظر عبادة مستقلة كما قرره أهل العلم. قال ابن مفلح رحمه الله تعالى في الآداب الشرعية: روى ابن أبي داود بإسناده عن الأوزاعي قال: كان يعجبهم النظر في المصحف بعد القراءة هيبة. انتهى بتصرف يسير.
والأحسن أن يكون فتحها له في الموضع الذي تقرأ فيه لتتعود على تحديد أماكن السور التي تقرأها وتتعرف على كلماتها. وأما فتح المصحف وتمرير الأصبع على آياته من أوله إلى آخره بقصد الحصول على ثواب قراءته كله مع أن الواقع هو قراءة بعضه أو مع ترديد ذكر من الأذكار، فلا ينبغي؛ لأنه لا يحصل لها ذلك، وينبغي أن تتخذ جهازا مسجلا لتستمع منها جميع القرآن فهو خير لها. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تراجع الفتوى رقم: 17165، والفتوى رقم: 95468.
والله أعلم.