الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للمسلم أن يجمع في عصمته أكثر من أربع نساء، قال الخرقي: وليس للحر أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات. قال شارحه ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على هذا ولا نعلم أحداً خالفه منهم. لقول الله تعالى: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ. ولقوله صلى الله عليه وسلم لغيلان بن سلمة حين أسلم وتحته عشرة نسوة: أمسك أربعاً وفارق سائرهن. رواه ابن حبان، وقال نوفل بن معاوية: أسلمت وتحتي خمس نسوة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فارق واحدة منهن وأمسك أربعاً..
وعلى هذا.. فمن زاد على أربع زوجات فإن الخامسة يكون نكاحها باطلاً، فإن أقدم الشخص على ذلك وهو عالم بالحرمة فهو زان وأولاده من تلك المرأة لا يلحقون به، أما إن كان جاهلاً للحكم الشرعي في ذلك بل اعتقد حل ذلك فإن الزواج باطل كذلك إلا أن الأولاد يلحقون به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين؛ وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين إلى أن قال: فإن ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر بل الولد للفراش.
هذا من حيث الزواج بخامسة، وأما قوله: إنها وهبته نفسها فإن كان يرى ذلك نكاحاً صحيحاً فهو باطل لأنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، كما هو مفصل في الفتوى رقم: 37028.
وأولى من ذلك بالفساد إن كان يرى أنها وهبته نفسها لتكون أمة له، لأن الإنسان لا يملك أن يبيع نفسه فضلاً عن أن يهبها، قال الشربيني: ولا يصح وقف حر نفسه لأن رقبته غير مملوكة كما لا يهب نفسه.. انتهى.
ومهما يكن من أمر فعلى ذلك الرجل الذي يعد نفسه من أهل العلم والصلاح أن يتوب إلى الله تعالى من هذه المعصية الخطيرة، ويعلم أن هذا الفعل يسبب غضب الله ومقته سيما ممن هو قدوة يقلده الخاصة والعامة ويقتدون بأفعاله، فليتق الله تعالى وليتب إليه، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 61565.
والله أعلم.