الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صلاة الرجل الذي تراجع استجابة لمن نبهه ليقف معه في الصف صحيحة، إذا كان لم يخط أكثر من خطوتين، أما إذا خطا أكثر من ذلك متوالياً فمن أهل العلم من يرى بطلان الصلاة بالمشي أثناءها أكثر من خطوتين ولاء لاعتبار ذلك من الفعل الكثير، نص على ذلك فقهاء المذهب الشافعي، قال النووي في المجموع وهو يذكر ضابط الفعل الكثير الذي تبطل به الصلاة: وأما ما عده الناس كثيراً كخطوات كثيرة متوالية، وفعلات متتابعة فتبطل الصلاة، قال أصحابنا: على هذا الفعلة الواحدة كالخطوة والضربة قليل بلا خلاف والثلاث كثير بلا خلاف. إلى أن قال: ثم اتفق الأصحاب على أن الكثير إنما يبطل إذا توالى. انتهى.
وعلى هذا فما دام بعض الفقهاء قد صرح ببطلان الصلاة بالمشي أثناءها أكثر من خطوتين، فإن الأحوط في حق الشخص الذي تأخر ومشى في صلاته أكثر من خمس خطوات أن يعيد صلاته، وإنما قلنا إن الإعادة في حقه أحوط فقط ولم نقطع بوجوب الإعادة لأن المالكية يرون جواز المشي في الصلاة لأجل سد فرجة ونحوها ولو تعدى صفين دون الذي خرج منه والذي دخل فيه، وهذا يقتضي أنه قد يخطو أكثر من ثلاث خطوات لأنهم لم يحددوا إلا بالصفوف والصفوف قد تتباعد بعض الشيء.
أما تصرف الرجل الذي جاء متأخراً ولم يجد فرجة في الصف فالظاهر أنه صحيح إذا كان لا يعلم أن مشي الشخص الذي نبهه وتراجع إليه هذه المسافة قد يبطل صلاته، مع أن الفقهاء قد اختلفوا فيما ينبغي أن يعمل من حصل له مثل هذا، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 14806 ومن خلال مطالعة هذه الفتوى سيتبين أن أكثر الفقهاء يرون جواز جذب المنفرد هنا أحداً من الصف ليقف معه أي يجذبه بالفعل أو يشعره بأنه يريد منه أن يتأخر ليقف معه.
والله أعلم.