الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت وأحسن زوجك فيما ذكرته عنه أنه الآن يبحث عن عمل آخر لما علم بحرمة العمل الذي كان يمارسه.
وما دام زوجك قد مارس العمل المذكور وهو جاهل بتحريمه فإن المرتب الذي كان يتقاضاه لا حرج عليه في استعماله، طالما أنه تاب إلى الله منه، فإن الله تعالى يقول في حق المال المكتسب من الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة :275}. والأورع له أن يتخلص مما بقي بيده منه إن كان قد بقي منه شيء غير الأثاث المستعمل، وذلك بصرفه في أوجه الخير والبر؛ لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما أخبره غلامه أنه أطعمه طعاما أخذه من شخص قد تكهن له الغلام في الجاهلية، لما أخبره بأصل هذا الطعام أدخل يده في فيه فقاء كل شيء في بطنه، والقصة في صحيح البخاري.
فمن هذا يتبين لك أنه لا حرج عليكم فيما كنتم قد استفدتموه من الرواتب، وأنه لا حرج عليكم أيضا فيما تعطيه الدولة لكم من إعانة، ولو كان جزء منها ممولا باقتطاع جزء من الراتب القديم؛ لأن الراتب القديم حلال كما بينا.
ومن هذا أيضا تعلمين أنه لا فرق بين المال الذي كنت تريدين إعطاءه لأمك لتستعين به في تكلفة العملية، وبين إعطائها جزءا من الإعانة، وإن كان الأفضل هو أن يكون المدفوع لها جزءا من الإعانة على سبيل التخلص مما فيها من شبهة.
والله أعلم.