الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن عجزت عن الصوم لمرض لا يرجى برؤه بشهادة الأطباء المسلمين الثقات لزمتها الفدية وجوباً عند الجمهور واستحباباً عند المالكية، قال الإمام الدردير المالكي رحمه الله في الشرح الكبير: وندب فدية وهي الكفارة الصغرى مد عن كل يوم لهِرم وعَطِش أي لا يقدر واحد منهما على الصوم في زمن من الأزمنة.
وإذا شفاها الله تعالى من المرض وقدرت على الصوم بعد أن أطعمت بدل كل يوم مسكيناً لما مضى من السنين فإنها تصوم في المستقبل، وقد اختلف أهل العلم هل عليها أن تقضي ما مضى أم لا على قولين:
الأول: عليها القضاء لأنه تبين أن مرضها الأول لم يكن مزمناً وهو قول المالكية والحنفية ورواية عند الحنابلة ووجه عند الشافعية، قال الحصكفي من الحنفية في الدر المختار: ومتى قدر قضى لأن استمرار العجز شرط الخلفية.
الثاني: أنه لا قضاء عليها وهو مذهب الشافعية والحنابلة في المعتمد من المذهبين لأن ذمتها قد برئت بإخراج الفدية وهذا هو الراجح، قال الخطيب الشربيني من الشافعية في مغني المحتاج: ولو قدر من ذكر على الصوم بعد الفطر لم يلزمه الصوم قضاء لذلك.
وقال المرداوي من الحنابلة في الإنصاف: لو أطعم العاجز عن الصوم: لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، ثم قدر على القضاء، فالصحيح من المذهب: أن حكمه حكم المعضوب في الحج إذا حج عنه ثم عوفي.
أي لا يلزمه أن يصوم كما لا يلزم من عجز عن الحج حتى أناب غيره ثم قدر على الحج فإنه لا يلزمه الحج ثانية وكذلك الصيام، والخلاصة أن أهل العلم مختلفون في وجوب القضاء لما فات ويسع هذه المرأة أن تأخذ بأي المذهبين والأحوط لها أن تقضي.
والله أعلم.