الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على الأخت السائلة أن تعلم أن الغسل لا يجب عليها بسبب خروج السائل المذكور إلا في حال ما إذا تحققت أنه مني، فإن حصل الشك في كونه منيا أو مذيا فلها أن تأخذ بحكم كونه منيا فتغتسل، أو تأخذ بحكم كونه مذيا فتغسله ولا تطالب بغسل الجنابة، وهذا هو الأرفق بالنسبة للسائلة إذ الظاهر أنها لا تخلو من وسوسة، قال في المهذب في الفقه الشافعي: إِذَا خَرَجَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ الْمَنِيَّ وَالْمَذْيَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ لَهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيه: قال النووي في المجموع بعد أن ذكر الخلاف في هذه المسألة: وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْتِزَامِ حُكْمِ الْمَنِيِّ أَوْ الْمَذْيِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الْمُصَنِّفِينَ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ فُضَلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ ; لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْآخَرِ وَلَا مُعَارِضَ لِهَذَا الْأَصْلِ. انتهى.
وقد ذكر أهل العلم أن المني يعرف بأمرين:
أحدهما: أن رائحته تشبه رائحة طلع النخل، الأمر الثاني: وجود اللذة عند خروجه وحصول فتور واسترخاء عقب خروجه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق، وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بهما؛ إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل. والثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه. انتهى.
وأما المذي فقد عرفه الإمام النووي في المجموع بقوله: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة وهو في النساء أكثر منه في الرجال. انتهى.
والفتور هو الاسترخاء بعد انتهاء اللذة الكبرى التي تصاحب خروج المني غالبا، وعلى هذا فإن كان ما ترينه لا يتصف بصفات المني فلا يجب منه الغسل، وإذا لم يكن منيا فمعنى ذلك أنه مذي أو ودي أو إفرازات، ولا يجب من ذلك كله بالنسبة للمرأة إلا غسل النجاسة والوضوء فقط، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71749، 41812، 73708.
هذا وننصح الأخت السائلة بالإعراض عن الوساوس وعدم الاسترسال فيها فإن ذلك من عمل الشيطان وعاقبته وخيمة.
والله أعلم