الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمعلوم أن الكحول هي المادة المسكرة في الخمر، وقد قال الله تعالى في الخمر وما ذكر معها: رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ {المائدة:90}، والأمر بالاجتناب من أشد صيغ التنفير والتحريم في القرآن الكريم، وهي تفيد تحريم كافة أوجه الاستعمال، قال القاضي ابن العربي: يريد أبعدوه واجعلوه ناحية وهذا أمر باجتنابها والأمر على الوجوب لا سيما وقد علق به الفلاح.
وعليه، فلا يجوز استخدام مواد تحتوي على الكحول، لا في تطهير الجثث عند تشريحها ولا في غير ذلك، ولكن الشرع الحنيف قد أباح استعمال ما ورد به التحريم إذا دعت إليه الضرورة، قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، وعليه فإذا أمكن اتخاذ بديل يقوم مقام الكحول، فلا يجوز استعمالها، وإذا لم يوجد بديل عنها وكانت مهمة لتطوير العمل والاستفادة منه فلا حرج في استعمالها، ومما تجدر ملاحظته هو أن الكحول إذا استحالت بحيث صارت مادة أخرى مغايرة، وزالت عنها صفة الإسكار أو كانت من النوع الذي لا يسكر أصلاً فإن استعمالها حينئذ يجوز ولو لم تدع إليها ضرورة أو حاجة.
والله أعلم.