الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاللواط هو إحدى الفواحش النكراء التي عابها الله على قوم لوط، قال الله تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ {الأعراف:80}، وقال: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ {الشعراء:165}، وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
فهؤلاء الذي أقروا أنهم مارسوا اللواط مع شخص آخر، قد استحقوا عقوبتين: إحداهما: هي القتل المأمور به في الحديث السابق، وهذه الفاحشة تثبت بالإقرار الذي لم يرجع عنه صاحبه، أو بينة من أربعة عدول يشهدون بدخول الفرج في الدبر كالمرود في المكحلة.
والعقوبة الثانية: هي حد القذف وهو ثمانون جلدة، عملاً بقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4}، وقاس أهل العلم المحصنين على المحصنات، وهذه العقوبة قد استحقوها بقذفهم لذلك الذي أقروا أنهم مارسوا معه تلك الفاحشة وهو منكِر، ولا يكون بلوغ العدد المذكور أكثر من أربعة بينة يستحق بها المنكر للحد، لأن المقرين فساق بما أقروا على أنفسهم به من الفعل، وبالتالي فشهادتهم لا تقبل في هذه المسألة، وإنما هم مؤاخذون بإقرارهم، ما لم يرجعوا عنه، فإن رجعوا أخذوا بحد القذف، والجدير بالملاحظة أن صاحب الاختصاص في تنفيذ مثل هذه الحدود إنما هو السلطان أو نائبه، وليس ذلك لأحد آخر غيره.
والله أعلم.