الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم أن الأب لا يقتل بولده، ولا الجد بولد ولده، وإن نزلت درجته، لما روى أحمد وغيره من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قتل رجل ابنه عمداً فرفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجعل عليه مائة من الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين ثنية، وقال: لا يرث القاتل ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقتل والد بولده لقتلتك. قال شعيب الأرناوؤط: حسن.
ولما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. قال ابن عبد البر: وتقتضي هذه الإضافة تمليكه إياه، فإذا لم تثبت حقيقة الملكية بقيت الإضافة شبهة في درء القصاص، لأنه يدرأ بالشبهات، ولأنه (الوالد) سبب إيجاده فلا ينبغي أن يتسلط بسببه على إعدامه.
وذهب المالكية إلى أن الأب إذا قتل ابنه قتل به إذا كان قصد إزهاق روحه واضحاً، فإذا لم يكن واضحاً لم يقتل به، قال الدردير: وضابطه أن لا يقصد إزهاق روحه، فإن قصده كأن يرمي عنقه بالسيف، أو يضجعه فيذبحه ونحو ذلك فالقصاص.
وبناء على ما للجمهور فإن الأب إذا قتل ابنيه، فإنه لا يقتل بهما، وإنما تلزمه عن كل منهما دية هي كما ورد في الخبر السابق: مائة من الإبل (ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون ثنية) ولا يرث هو من ذلك شيئاً.
والله أعلم.