الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن من دعا غيره إلى معصية أو ضلال فإنه يحمل إثمه وإثم من تبعه، كما دلت على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة، وذكرناها في الفتوى رقم: 14246، والفتوى رقم: 34134، والفتوى رقم: 53414.
والواجب على من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة مستجمعة لشروط التوبة من الندم على ما فات، والإقلاع عنه في الحال، والعزم على أن لا يعود إليه في المستقبل، ثم إن كان قادراً على إزالة ذلك المنكر الذي تسبب فيه ودعا الناس إليه فالواجب عليه أيضاً أن يزيله، فإن لم يستطع أن يزيل أثر ذلك المنكر فنرجو أن تكون توبته صحيحة إن شاء الله تعالى.
وقد تكلم العلماء على توبة من دعا غيره إلى ضلال وبقي أثر تلك الدعوة بعد توبته، هل تعتبر توبته صحيحة؟ قال الشنقيطي في أضواء البيان بعد أن ذكر عدة أمثلة: فجمهور أهل الأصول على أن توبته في كل الأمثلة صحيحة لأن التوبة واجبة عليه، وقد فعل من هذا الواجب ما يقدر عليه، وما لا قدرة عليه معذور فيه؛ لقول الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا. وانظر كلامه في تفسير سورة النور.
والخلاصة أننا نوصي من سن سنة سيئة أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة، وليعلم أن الله تعالى قال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 7334.
والله أعلم.