الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفهم في لغة العرب معناه: العلم بالشيء ومعرفته.
قال في لسان العرب: الفهم معرفتك الشيء.
وجاء في مختار الصحاح.. فهم الشيء أي علمه.
فالمراد بالفهم عن الله ورسوله أي العلم والمعرفة بمعاني كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. والفقه أخص من الفهم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: والفقه أخص من الفهم وهو فهم مراد المتكلم من كلامه، وهذا قدر زائد على مجرد فهم وضع اللفظ في اللغة. اهـ من إعلام الموقعين.
والمقصود بمراتب الفهم درجاته، فإن الناس يختلفون في الفهم، فبعضهم أعلى درجة في الفهم من الآخر، فقد يفهم العالم من النص القرآني أو الحديث النبوي معنى لا يفمه عالم آخر.
قال ابن القيم رحمه الله: وتفاوت الأمة في مراتب الفهم عن الله ورسوله لا يحصيه إلا الله، ولو كانت الأفهام متساوية لتساوت أقدام العلماء في العلم، ولما خص سبحانه سليمان بفهم الحكومة في الحرث، وقد أثنى عليه وعلى داود بالعلم والحكمة، وقد قال عمر لأبي موسى في كتابه إليه: الفهم الفهم، فيما أدلي إليك. وقال علي: إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه.. إلخ. وانظر كلامه عن الفهم ومراتبه في كتابه مدارج السالكين. (1/241) الفصل الخامس.. فإنه كلام نفيس.
وأما مناطات الفهم.. فإننا لم نجد من أهل العلم من استخدم هذه العبارة، ولكن على وجه العموم المناط هو ما يعلق عليه الشيء، وفي اللغة: ناط الشيء أي علقه، ويقال -مثلا- العقل مناط التكليف أي أن التكليف معلق بالعقل، فإذا وجد العقل وجد التكليف، وإذا انتفى العقل انتفى التكليف.
وهكذا الفهم الصحيح فإنه معلق على وجود أشياء منها: التمكن من العلوم الشرعية وعلوم الآلة كعلم اللغة وأصول الفقه وأصول التفسير ونحو ذلك. وقبل ذلك وبعده لجوء العبد إلى ربه أن يرزقه الفهم عنه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يدعو ويقول: اللهم يا مفهم سليمان فهمني..
والله أعلم.