الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عقد الزواج بعد إبرامه لا يملك حله إلا الزوج أو القاضي أو نحوه عند وجود سبب لذلك كإثبات الضرر الواقع من الزوج على زوجته بمنع نفقة ونحو ذلك، وكذا إذا ظهر بالزوج عيب من العيوب التي تعطي للزوجة الخيار في فسخ النكاح أو الاستمرار فيه، فلها وحدها حينئذ القيام بفسخ النكاح. قال في تحفة الحبيب في شرح الخطيب: فإذا زوجها فتبين أنه مجبوب أو عنين حالة العقد فلا خيار للولي بل الخيار لها لأن الحق لها في ذلك ولا حق للولي فيه.اهـ
أما إذا طرأ على الزوج ما يقدح في كفاءته كسرقة أو غصب أو ارتزاق بحرفة دنيئة مثلا، بل ولو اطلع فيه على عيب من العيوب التي تعطي الخيار للزوجة ورضيت بها ففي كل هذه الحالات لا كلام لها هي ولا لغيرها من أوليائها.
قال في حاشية ابن قاسم العبادي في معرض النكاح على موجب الخيار: بخلاف ما لو بان فاسقا أو دنيئ النسب أو الحرفة مثلا فلا خيار لها حيث أذنت فيه..اهـ
وقال في التجريد لنفع العبيد: والعبرة في الكفاءة بحالة العقد.. وبما تقرر من العبرة بحالة العقد على أن طرو الحرقة الدنيئة لا يثبت الخيار.اهـ
وبما تقدم يعلم أنه ليس لأولياء السائلة شرعا الحيلولة دون استمرارها في الزواج من زوجها الذي ارتكب ما يخل بالأخلاق، وأن تدخلهم في الموضوع ظلم لها ولزوجها، اللهم إلا في حالة ما إذا كانت المصلحة في تخليصها منه، فلوالدها حينئذ أن يخالع زوجها عنها إن رضي ولو كانت هي غير راضية، جاء في الشرح الكبير للدردير عند قول خليل في مختصره: أوجاز من الأب عن المجبرة: المراد من لو تأيمت بطلاق أو موت زوجها لكان له جبرها فيخالع عنها من مالها ولو لجميع مهرها بغير إذنها.اهـ
والخلاصة والله تعالى أعلم أن أهل هذه المرأة ليس من حقهم تطليقها على زوجها باستثناء والدها فله أن يخالع زوجها إن رضي زوجها ولو لم ترض هي، وليس من حقهم أيضا إرغامها على التخلي عنه، إلا في الحالة التي يجوز لها طلب الطلاق، وقد ذكرناها في الفتوى رقم:13183، وإذا ما تحققت هذه الحالة فلأهلها أن يطلبوا منها أن تطلب منه الطلاق إن لم تطلبه هي. أما في غير هذه الحالة فلا يجوز لها أن تطيعهم في أمر لا يجوز لها هي وهو طلبها الطلاق من زوجها لغير ضرر، فإن خشيت من تمسكها بزوجها ورفض طلب الطلاق منه على نفسها من أهلها فلها أن ترفع القضية إلى من يؤمنها من شرهم، والاولى أن تسلط عليهم قبل ذلك من يبين لهم الحكم الشرعي فلعلهم إن علموا استجابوا لأمر الله تعالى وتركوها وشأنها.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:42739 ، والفتوى رقم: 19935.
والله أعلم.