الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان ما فعل هذا الأب من البيع لأبنائه وزوجته وكتابة ذلك يقصد به التحايل على حرمان بعض الورثة (بنت الزوجة الأخرى) من الفيلا أو تقليل نصيبها من عموم التركة - لما أشرت إليه أو لغير ذلك من الأسباب- فإن هذه البيعة وكتابتها لا اعتبار لهما شرعاً، وما فعله هذا الأب لا يجوز، ولو كانت قيمة الفيلا أقل من ثلث ما ترك، فقد نص أهل العلم على أن الوالد إذا أقر لبعض ولده بشيء من ممتلكاته دون غيرهم من الورثة نظر في ذلك.. فإن كان الولد باراً لوالده رفض الإقرار، وهو ما يمكن أن يكون حاصلاً هنا، قال صاحب الإتقان في شرحه لتحفة الحكام لابن عاصم المالكي عند قوله: "وحيثما الإقرار فيه للولد..." قال: وإن كان الولد باراً لوالده فلا يصح الإقرار له للتهمة، أن يكون قصد التوليج لهذا البار، والحرمان لذلك العاق.
وعلى أبناء هذا الأب وزوجته إرجاع الفيلا إلى عموم التركة لتقسم معها على جميع الورثة كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى، إذا كانت البيعة وقعت على ما ذكرنا، ونرجو أن يكون ذلك سبباً لرحمة أبيهم ومغفرة لما ارتكب من خطأ.
أما إذا كانت البيعة حقيقية ولم يقصد بها التحايل على حقوق الآخرين فإن ثمن الفيلا يعتبر تركة، ويجب على الأولاد والزوجة رده إلى عموم التركة ليقسم معها إذا لم يكونوا دفعوا الثمن إلى الأب قبل ذلك.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.