الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الشخص في حالة فقد وعي، بحيث لا يدري ما يقول أو يدري ما يقول ولكنه يجد نفسه مجبراً على التلفظ بلفظ الطلاق بسبب سحر أثر على عقله تأثيراً يجعله غير قادر على التحكم فيما يصدر عنه من ألفاظ أحرى إذا كان السحر قد أتى على عقل الشخص فأذهبه وأطاح بتفكيره فإنه لا يقع منه طلاق في الكل؛ لأنه إما مثل المكره، وإما مثل المجنون والمعتوه والمغمى عليه.
وإن كان يعي ما يقول ويملك نفسه فهو مؤاخذ بما يتفوه به، شأنه في ذلك شأن الأصحاء.
فلينظر زوجك في حاله وقت إيقاعه الطلاق وتلفظه به.. هل كان مغلوباً على عقله لا يعي ما يصدر عنه فلا يقع طلاقه؟ أم يعي ما يصدر عنه؟ فيحسب عليه ولا ينفعه كونه كان مسحوراً أو غير ذلك؛ لأن العبرة بالوعي والإدراك، لا بما في قسيمة الطلاق أو غيرها.
فينبغي أن يراجع المحكمة الشرعية في بلده ويعرض عليها ذلك، ثم هي تحكم بما تراه وتغير ما في ورقة الطلاق السابقة أو تقره وتثبته بناء على ما يثبت لديها من خلال الدعوى والبينة.
وعليه أن يتقي الله تعالى فيما يدعيه، ويعلم أن حكم القاضي وفتوى المفتي لا تحل حراماً ولا تحرم حلالاً، فلو حكم له القاضي وأفتاه المفتي بعدم وقوع الطلاق منه بناء على بينة دفع بها وهي خلاف الواقع فإن ذلك لا يغير الحكم في الحقيقة، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري. وللفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 11577.
وننبه إلى أن إيقاع أكثر من طلقة واحدة في لحظة أو قبل انقضاء العدة قد اختلف أهل العلم في حكمه.. فذهب الجمهور إلى وقوعه واحتسابه، وبناء عليه فإذا كان زوجك قد تلفظ بالتطليقتين في آن واحد أو أوقع الثانية قبل انقضاء عدتك من التي قبلها فإنهما تحسبان تطليقتين وتبيني منه بهما لأنه قد أوقع قبلهما طلقة -كما ذكرت- ولا تحلين له بعد ذلك حتى تنكحي زوجاً غيره، وهذا على اعتبار أنه كان في وعيه حين أوقع الطلاق، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية على أن من أوقع أكثر من طلقة في آن واحد أو قبل انقضاء العدة فإنه لا تحسب عليه إلا طلقة واحدة، لأن ما بعدها طلاق بدعة فهو مردود غير نافذ.
وحكم القاضي الشرعي يرفع الخلاف، فما حكم به من القولين لزم العمل به. وللفائدة انظري الفتوى رقم: 5584.
والله أعلم.