الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم تشميت العاطس أثناء خطبتي الجمعة، فذهب الحنفية والمالكية إلى كراهة ذلك.
وذهب الشافعي في القديم وأحمد في رواية إلى التحريم، لوجوب الإنصات على المأمومين حال الخطبة.
وذهب الحنابلة في الصحيح من مذهبهم والشافعية في الجديد إلى جواز ذلك، وعند أحمد رواية أخرى، قال: إذا سمعت الخطبة فاستمع وأنصت ولا تقرأ ولا تشمت، وإذا لم تسمع الخطبة، فاقرأ وشمت، ورد السلام.
ودليل الجواز إطلاق الأمر من الشارع بالتشميت، كما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا عطس أحدكم فحمد الله، فحق على كل مسلم سمعه أن يقول: يرحمك الله" وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس. متفق عليه.
وممن رخص في تشميت العاطس أثناء الخطبة الحسن، والشعبي، والنخعي، والحكم وقتادة، والثوري، وإسحاق. نقل ذلك ابن قدامة في المغني (3/199).
وعلى كل، فالخلاف في المسألة خلاف قديم، ولا ينبغي أن يتخذ وسيلة إلى الشقاق، فمن فعله فله سلف في الفعل، ومن تركه فله سلف في الترك، والخطب فيه أيسر من أن يجر إلى ما لا يجوز بحال، وهو إثارة العدوات والخصومات.
والله أعلم.