الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهاهنا أمور عدة يجب التنبيه عليها، وهي:
أولاً: أن المرأة لا يحق لها شرعاً أن تطلب الطلاق من زوجها، إلا إذا كانت تتضرر بالبقاء معه تضرراً شديداً، أما إذا طلبت ذلك دون مبرر صحيح، فهي معرضة للوعيد الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أحمد، وأصحاب السنن.
ثانياً: أن الله تعالى قد أرشد إلى الصلح، فقال: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء:128].
وعلى الزوجين السعي في حل مشاكلهما، وإصلاح ما فسد بينهما، فإن تعذر ذلك، فقد أرشد الله تعالى إلى بعث الحكمين من أهلهما.
فقال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء:35].
فيختار حكمان من أهلهما من أولي العقل والحكمة، فإن لم يوجد في أهلهما بعث حكمان من غيرهما ممن يعرف بالثقة والأمانة للعمل على الإصلاح بينهما.
ثالثاً: أن للزوج رفض تطليق زوجته، وعدم الاستجابة لرغبتها، لأن الطلاق حق له.
رابعاً: أن تقدير حقوق الزوجين في حالة ما إذا هجرت الزوجة بيت الزوجية، وطلبت الطلاق مدعية الضرر يرجع فيه إلى القاضي.
خامساً: أن الزوجة إذا طلبت الخلع من زوجها، فعليها أن ترجع للزوج ما أخذته منه، (من الشبكة والمهر - وإسقاط مؤخر المهر - إن وجد - والتنازل عن قائمة (عفش الزوجية)... إلخ. بحسب ما يتفقان عليه، فربما اتفقا على أكثر من ذلك المقدم لها أو أقل.
لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة:229].
ولما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أتردين عليه حديقته"؟ قالت: نعم. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة"، فهذه المرأة قد ردت على الزوج الحديقة التي دفعها مهراً لها.
وأخيراً ننصح الزوجين بعدم التسرع في أمرهما، والاستخارة والاستشارة قبل الإقدام على أي أمر من الأمور.
والله أعلم.