الطلاق بالإشارة بين الوقوع وعدمه

18-2-2007 | إسلام ويب

السؤال:
حصل لي مع زوجتي ما يلي:
1- كنت أجلس على جهازي الكمبيوتر وقالت لي معاتبة: أنت ذاهب للجهاز ومطلقني بالثلاث , فهززت لها رأسي معانداً لها ولا أذكر أني قصدت طلاقها , ثم هجمت علي الوساوس بعد ذلك إلى هذا الوقت, مرة أقول نعم قصدت طلاقها ثلاثا ومرة أقول لا لم أكن أقصد, فـــمـــــا الحل والحكم..؟؟(أرجو إجابتي بالتفصيل ليطمئن قلبي).
2- قلت لزوجتي مرتين:
إن أخبرت أحداً بخصوصياتي المادية والاجتماعية فأنت طالق.
ومرة قلت لها: إن خرجت بهذه العباءة فأنت طالق.
هل يلغى هذا التعليق أم أنها لو فعلت حتى وهي ساهية ستطلق مني..

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما قمت به من تحريك رأسك لما سألتك زوجتك أن تطلقها أو أخبرت عن ذلك هو من قبيل الإشارة. والإشارة لايقع بها طلاق عند الجمهور إلا من الأخرس العاجز عن النطق إذا فهمت إشارته.

قال ابن مفلح في الفروع وهو حنبلي: ويقع من أخرس وحده بإشارة، فلو فهمها البعض فكناية. وقال البهوتي في المنتهى وهو حنبلي أيضا: فإن كتبه بشيء لا يبين كأصبعه على نحو وسادة أو في الهواء لم يقع؛ لأنه بمنزلة الهمز والإشارة ولا يقع بهما شيء. وهذا في غير الأخرس.

وقال السرخسي في المبسوط وهو حنفي: الصحيح لو أشار لا يقع شيء من التصرفات بإشارته ولكنه استحسن، فقال: الإشارة من الأخرس كالعبارة من الناطق.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري وهو شافعي في كتابه أسنى المطالب شرح روض الطالب: ولو أشار ناطق بالطلاق وإن نوى كأن قالت له طلقني فأشار بيده أن اذهبي لغا، وإن أفهم بها كل أحد لأن عدوله عن العبارة إلى الإشارة يفهم أنه غير قاصد للطلاق، وإن قصده بها فهي لا تقصد للإفهام إلا نادرا ولا هي موضوعة له؛ بخلاف الكناية فإنها حروف موضوعة للإفهام كالعبارة. وانظر الفتوى رقم: 20915.

هذا هو حكم الإشارة بالطلاق عند الجمهور. ويقابله القول بوقوع الطلاق بالإشارة المفهمة من غير الأخرس وهو قول المالكية. وتراجع الفتوى رقم:80632، ففيها تفصيل الموضوع.

وأما الأمر الثاني الذي تضمنه سؤالك فهو عن تعليق الطلاق وجوابه: أن الطلاق المعلق على حصول أمر يقع بحصول ما علق عليه، فلو أخبرت زوجتك أحدا بخصوصياتك المادية أو خرجت بتلك العباءة فإنها تطلق منك؛ إلا إذا كنت نويت فترة معينة أو حالة خاصة ونحو ذلك فلا تطلق إلا على ما نويت؛ لأن النية تخصص العام وتقيد المطلق. فانظر إلى نيتك وقت تعليقك هل قصدت الإطلاق وأنها لا تخرج بتلك العباءة مطلقا، ولا تحدث أحدا كائنا من كان فيما يستقبل من الزمن بخصوصياتك، فإن كان كذلك فإنها تطلق بحصول أي من الأمرين اللذين علقت عليهما ذلك، ولا عبرة بفعلها للمعلق عليه ناسية إلا إذا كنت قصدت فعلها لذلك تعمدا فالمدار على نيتك. قال خليل بن إسحاق المالكي: وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت أو ساوت. قال شارحه صاحب مواهب الجليل: يعني أن النية تخصص العام وتقيد المطلق إذا صلح اللفظ لها. ومن أمثلة ذلك ما ذكره زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب: أو حلف لا يكلم أحدا وقال: أردت زيدا مثلا لم يحنث بغيره عملا بنيته. وقال ابن قدامة في المغني: ويرجع في الأيمان إلى النية، وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت إليه.

 وإن كان بعض أهل العلم يفصلون في التعليق أيضا ويفرقون بين من قصد مجرد التهديد والزجر وبين من قصد إيقاع الطلاق، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 3795، 1956، 7665. وأما لو فعلت الزوجة ما علق عليه الطلاق فقد بينا حكمه في الفتوى رقم:52979، فليرجع إليها.

وننصح بالرجوع في مثل هذه الأمور إلى المحاكم الشرعية.

والله أعلم.

www.islamweb.net