الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعليك يا أختاه أن تتوبي إلى الله تعالى مما فعلت، والتوبة الصادقة لا تكون إلا بعد معرفة خطر الذنب، فإن الذنب هو الحائل بينك وبين كل محبوب، والموقع لك في كل خطر ومرهوب، فإذا علمت ذلك اشتعلت في نفسك نار الندم، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : الندم توبة . رواه أحمد .
وهذا الشعور له أثر في الماضي، وأثر في الحال، وأثر في المستقبل ، أما أثره في الماضي فندم وحسرة بسبب فعل المعصية ، وأما أثره في الحال فإقلاع عن الذنب ، وأما أثره في المستقبل فعزيمة صادقة على عدم العودة إلى الذنب إلى الممات .
كما نوصيك أيضا بكتم الأمر فلا تخبري أحدا بما وقع منك من زلة عظيمة، واستري على نفسك فإنه ذنب سترك الله فيه فلا تهتكي ستر الله عليك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا . رواه الحاكم والبيهقي وصححه السيوطي وحسنه العراقي .
وعلى أبويك الكريمين أن يتقيا الله تعالى فلا يحولا بينك وبين الزواج بأعذار تافهة، فليس الزواج برجل متزوج عيبا ولا نقصا، بل العيب والنقص والإثم أن تمنع المرأة من الحلال حتى تقع في الحرام، وقد روى الإمام أحمد والترمذي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا علي ثلاث لا تؤخرها : الصلاة إذا أتت ، والجنازة إذا حضرت ، والأيم إذا وجدت لها كفؤا .
والحل هو أن تفصحي لوالدك عن رغبتك في الاقتران بهذا الرجل، ولا يمنعنك الحياء من ذلك، فإن هذا مستقبلك وحياتك فلا تجاملي أحدا فيهما، ولك أن تستعيني بمن يملك القدرة على إقناع والدك بهذا الأمر ، واجتهدي في الدعاء والتضرع لله سبحانه وتعالى أن يشرح صدر أبيك لهذا الرجل، وأن يرزقك الزوج الصالح، واعلمي أن الخير فيما اختاره الله، وأن الزواج قسمة ونصيب، فإن كان لك فيه نصيب فسيكون من نصيبك لا محالة، وإن لم يكن لك فيه نصيب فارضي بما قسم الله لك فالله سبحانه وتعالى يقول : وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216 } وننصحك بأن تصارحي والدك بما سبق واعرضي عليه الفتاوى التالية برقم : 77030 ، 74490 ، وإذا تقدم لك شخص آخر يرضى دينه وخلقه فلا تترددي في قبوله، ودعي الظنون والأوهام التي يحاول الشيطان أن يغذيها في نفسك، ولا ينبغي أن يكون ذنبك مانعا لك من الحلال، بل هذا من تسويل الشيطان ليحول بينك وبين الزواج، ثم يدفعك إلى الإثم ، ولا يجوز لك أن تتزوجي بدون إذن وليك، ولكن عليك أن تجتهدي في إقناعه عن طريق توسيط من له كلمة مقبولة ، نسأل الله أن يحفظك وأن ييسر لك الخير .
والله أعلم .