الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت قد اغتسلت بعد التحقق من انقطاع الحيض وجفوف المحل، ورأيت الخط المذكور بعد تمام أيام حيضك المعتادة فما رأيته لا يعتبر حيضاً؛ لأن نزول الكدرة بعد تمام العادة لا يعتبر حيضاً، قال ابن قدامة في المغني: يعني: إذا رأت في أيام عادتها صفرة أو كدرة، فهو حيض، وإن رأته بعد أيام حيضها، لم يعتد به. نص عليه أحمد، وبه قال يحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن مهدي، والشافعي، وإسحاق. وقال أبو يوسف، وأبو ثور: لا يكون حيضاً، إلا أن يتقدمه دم أسود، لأن أم عطية -وكانت بايعت النبي صلى الله عليه وسلم- قالت: كنا لا نعتد بالصفرة والكدرة بعد الغسل شيئاً. رواه أبو داود، وقال: بعد الطهر. ولنا، قوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى. وهذا يتناول الصفرة والكدرة، وروى الأثرم، بإسناده عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تبعث إليها النساء بالدرجة فيها الكرسف، فيها الصفرة والكدرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. تريد بذلك الطهر من الحيضة. وحديث أم عطية إنما يتناول ما بعد الطهر والاغتسال، ونحن نقول به، وقد قالت عائشة: ما كنا نعد الكدرة والصفرة حيضاً. مع قولها المتقدم، الذي ذكرناه. انتهى، وللمزيد من الفائدة في الموضوع راجعي الفتوى رقم: 71835.
وإن كان نزول ما ذكرت قبل تمام انقطاع الدم والتحقق من ذلك فيعتبر حيضاً، وبالتالي فيجب قضاء صوم ذلك اليوم إذا كانت الرؤية بعد طلوع الفجر الصادق، وبالنسبة لغيره من الأيام فالصوم فيها صحيح إذا كان الدم قد انقطع قبلها انقطاعاً تاماً، أما الصلاة فلا يُجزئ ما حصل منها قبل الغسل الثاني، وبالتالي فيجب قضاء ما حصل منها قبل حصول الغسل الثاني إذا اعتبرنا أن الذي رأيته حيضاً، وراجعي الفتوى رقم: 32572.
والله أعلم.