الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجمع أهل العلم على وجوب نفقة الأبوين على أبنائهم الموسرين إذا كان الأبوان معسرين، كما تجب نفقة غيرهما من القرابة الوارثة إذا كانوا معسرين على الراجح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم : 44020 ، وعلى ذلك فيجب على هذا الرجل وعلى إخوانه أن ينفقوا على والدتهم وأخواتهم ما فضل عن قوتهم العادي دون إسراف ولا تقتير إذا كن معسرات، أو يكملوا لهن ما نقص من النفقة إذا كان عندهن شيء لا يكفي، وإذا امتنع إخوانه القادرون فله الرجوع عليهم بما يجب عليهم ما لم يكن متبرعا به.
والنفقة تكون على القادرين كل حسب يسره واستطاعته، والقاعدة الشرعية في هذا هي قول الله تعالى : لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق: 7 } وينبغي لهم أن يتنافسوا ويتسابقوا في ذلك، لأن هذا من أعمال الخير التي ينبغي التنافس فيها والتسابق إليها، وقد قال الله تعالى : فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {المائدة: 48} وأما كيفية أدائها فيمكن أن تؤدى إليهن طعاما أو نقودا وبأي وسيلة أو كيفية أخرى.
وأما رد إحسان هذا الرجل إلى أمه أو إهداؤه لها فهذا مما رغب فيه الشرع وحث عليه الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : تهادوا تحابوا . رواه مالك في الموطأ ، وقال صلى الله عليه وسلم : من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه . رواه أبو داود وغيره .
وعلى زوجة هذا الرجل وغيرها أن يكونوا أعوانا على الطاعة وفعل الخير وصلة الرحم، ويتأكد ذلك بالنسبة للزوجة وخاصة إذا كان الرجل يريد أداء ما فرض الله عليه من بر والدته والنفقة عليها إذا كانت محتاجة ، وهذا من التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله الله تعالى به في محكم كتابه، فقد قال الله تعالى : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى : 21080 ، 54669 ، 54811 ، 56749 .
والله أعلم .