الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان والدك يقترض بالربا ويدخل في معاملات غير شرعية ويستدين أموال الناس ناويا إتلافها وعدم ردها فإن ذلك كله من الكبائر والموبقات العظيمة.
فإن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ {البقرة:278-279}
وليعلم أن الله تعالى يمحق أموال الربا وغيرها من أموال الميسر والسحت ونحوها؛ كما قال تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا {البقرة: 276} وهذا الذي يجده في تجارته شيء من ذلك المحق المتوعد به آكل الربا المتعامل به.
وأما تأثير هذه القروض الربوية والمعاملات المحرمة على أجره في بناء المسجد.. فنقول: إذا كان يبني المسجد من مال حلال ولو كان دينا في ذمته يسدده من مال حلال فهو مأجور إن شاء الله على عمله الصالح هذا بحسب نيته، فالسيئة لا تحبط الحسنة ولا تبطلها، ولكن إن غلبت سيئاته حسناته هلك؛ إلا أن يرحمه الله برحمة من عنده
وأما إن كان يبني المسجد من مال حرام فإنه لا يؤجر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. رواه مسلم.
وبالنسبة لمعاملته مع أهله فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه أبو داود. وفي رواية لمسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته.
فيجب عليه أن ينفق عليهم بالمعروف، وإذا سافر يترك لهم ما يفي بحاجتهم، ويلزمه ألا يغيب عن زوجته أكثر من ستة أشهر إلا لعذر كالعمل ونحوه
هذا، وإذا قام الولد بنصح والده وبين له الحق فلم يرجع إليه ولم يرعو عن غيه فقد قام بواجب النصيحة ولا يلحقه إثمه، قال الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام: 164}
والله أعلم.