الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على ثلاث نقاط أساسية، وهي:
* ما ذكرته من اقتراض أبيك من البنك.
* وما ذكرت أنه جاء به من الكتب الإسلامية والأشرطة والخردوات، لما عاد بعد حضوره توزيع تركة جدك لأمك.
* وماذا عليك أنت أن تفعله حيال هذه الأمور.
وحول النقطة الأولى، فإنه لا يجوز للمسلم التكسب عن طريق الوسائل غير المشروعة لما دلت عليه النصوص من وجوب توخي الحلال في المأكل والمشرب والملبس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً، وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأني يستجاب له. رواه مسلم.
فهذا الرجل قد توفرت له جملة من أسباب إجابة الدعاء من سفر، ورفع اليدين إلى السماء، وقوله يا رب، وهو أشعث مغبر، ومع ذلك لا يستجاب له، لأنه تخلف عنده شرط مؤثر وهو أن يكون كسبه حلالاً فلم يستجب لدعائه، لأن كسبه محرم ومطعمه حرام، وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت وكل لحم نبت من السحت فالنار أولى به. رواه أحمد والدارمي.
وعليه فإن كان البنك الذي اقترض منه أبوك هو أحد البنوك الربوية فمن واجبك أن تنصحه بالتوبة من هذا الفعل والابتعاد عنه في المستقبل، وليس من تمام توبته أن يتخلص مما عنده من المال المستفاد من قروض ربوية، وإنما المطلوب منه هو العزم على أن لا يعود إلى مثل هذا الذنب.
وحول النقطة الثانية، فإن الناس محمولون على البراءة ما لم يثبت الذنب، فإذا لم يكن ثمت دليل على أن الأثاث الذي جاء به أبوك مسروق، فلا يجوز أن تظن به السوء، لأن هذا الأثاث قد يكون من نصيب أمك من التركة وأعطته له، وقد يكون أعطاه له بعض الورثة، وقد يكون حصله بوسيلة أخرى مشروعة كأن يكون اشتراه من الورثة.
وحول النقطة الثالثة، فإن كان في إمكانك أن تحصل على وسيلة تنفق بها على نفسك خارج مال أبيك -على افتراض ربوية البنك الذي يقترض منه- فذلك أقرب إلى الورع وأحوط لك في دينك، وإن لم يكن لك وسيلة للإنفاق غير مال أبيك فلا حرج عليك في الإنفاق منه.
والله أعلم.