الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن نهنئ زوجك على ما تحمله في سبيل النجاة من الحرام، فإن جميع ما يمكن أن يكسبه المرء في هذه الدنيا لا يساوي شيئاً إذا قيس بما يترتب على أية مخالفة شرعية، فدين المرء رأس ماله ولله در القائل:
إذا أبقت الدنيا على المرء دينه * فما فاته منها فليس بطائل
وفيما يتعلق بالسؤال عما إذا كان يحق لزوجك أن يطلب تعويضاً مادياً في مقابل ما عاناه من هذا الظلم، وعن تشويه سمعته بما عمد أصحاب الشركة إليه من نشر الإشاعات عنه، فجوابه أن التعويض عن الحبس محل اختلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أن مجرد حبس الحر ومنعه من العمل لا يلزم له فيه تعويض، وإنما تلزم له أجرة مثله لو استُخدم، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى:
ومنفعة البضع والحر بالتفويت... ومنفعة غيرهما بالفوات
وجاء في شرح الدسوقي المالكي ما معناه: إن من عطل حراً عن العمل فلا شيء عليه، وهذا المعنى في سائر شراح مختصر خليل، وجاء أيضاً هذا المعنى في كتب الشافعية، ففي نهاية المحتاج عطفاً على ما لا يضمن: وكذا منفعة بدن الحر لا تضمن إلا بالتفويت في الأصح دون الفوات كأن حبسه ولو صغيراً...
ومن أهل العلم من يرى أن من حبس حراً ضمن له أجرة عمله ولو لم يستخدمه، كما في الفتوى رقم: 46311.
وهذا المذهب الأخير هو الذي نراه أقرب إلى الصواب، وعليه فإن من حق زوجك أن يطالب الجهة التي حبسته ظلماً بالتعويض عن الحبس، وأما تشويه سمعته بما عمد أصحاب الشركة إليه من نشر الإشاعات عنه، فليس له المطالبة بالتعويض عنه، وإنما له الحق في رفع أمر من وقع منه ذلك إلى ولي الأمر ليؤدبه الأدب المناسب لاعتدائه عليه.
والله أعلم.