الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الشخص المذكور قد لفظ العلكة عند استيقاظه ولم يبتلع ما تجمع في فمه من ريقه المختلط بأجزائها وطعمها، فإن صيامه صحيح لأنه لم يبتلع شيئاً بعد أذان الفجر حسب علمه، وإن كان قد ابتلع شيئاً من ذلك حال نومه فإنه لا يفطر به، قال ابن قدامة في المغني: وإن فعل شيئاً من ذلك -أي من المفطرات- وهو نائم لم يفسد صومه لأنه لا قصد له ولا علم بالصوم فهو أعذر من الناسي. انتهى.
فإن ابتلعها أو ابتلع ريقه المختلط ببعض أجزائها بعد استيقاظه وبعد أذان الفجر فعليه قضاء ذلك اليوم، أما إذا ابتلع ريقه المختلط بطعمها فقط ففي فطره قولان أشرنا إليهما في الفتوى رقم: 720.
وذلك لأن العلماء ذكروا أن العلك ينقسم إلى نوعين: نوع إذا مضغ تتفتت أجزاؤه مع الريق وهذا النوع يفطر ابتلاع الريق المختلط به، ونوع لا يتحلل منه شيء ولا يختلط بالريق إلا طعمه، وقد فصل في هذا ابن قدامة في المغني فقال: قال أصحابنا: العلك ضربان، أحدهما: ما يتحلل منه أجزاء وهو الرديء الذي إذا مضغه يتحلل، فلا يجوز مضغه إلا أن لا يبلع ريقه، فإن فعل فنزل إلى حلقه منه شيء أفطر به، كما لو تعمد أكله. والثاني: العلك القوي الذي كلما مضغه صلب وقوي، فهذا يكره مضغه ولا يحرم. وممن كرهه الشعبي والنخعي ومحمد بن علي وقتادة والشافعي، وأصحاب الرأي، وذلك لأنه يحلب الفم، ويجمع الريق ويورث العطش، ورخصت عائشة في مضغه. وبه قال عطاء لأنه لا يصل إلى الجوف، فهو كالحصاة يضعها في فيه، ومتى مضغه ولم يجد طعمه في حلقه لم يفطر. وإن وجد طعمه في حلقه ففيه وجهان، أحدهما: يفطره كالكحل إذا وجد طعمه في حلقه. والثاني: لا يفطره، لأنه لم ينزل منه شيء، ومجرد الطعم لا يفطر، بدليل أنه قد قيل: من لطخ باطن قدمه بالحنظل، وجد طعمه ولا يفطر بخلاف الكحل، فإن أجزاءه تصل إلى الحلق، ويشاهد إذا تنخع. انتهى بتصرف يسير.
وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا: ولا يفطر بمجرد العلك ولا بنزول الريق منه إلى جوفه، فإن تفتت فوصل من جرمه شيء إلى جوفه عمداً أفطر، وإن شك في ذلك لم يفطر، ولو نزل طعمه في جوفه أو ريحه دون جرمه لم يفطر، لأن ذلك الطعم بمجاورة الريق له، هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور، وحكى الدارمي وجهاً عن ابن القطان أنه إن ابتلع الريق وفيه طعمه أفطر وليس بشيء. انتهى.
والله أعلم.