الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز الفطر في رمضان بغير عذر شرعي، وقد اختلف العلماء فيما يجب على من أفطر عمدا في رمضان بغير الجماع بأن أكل أو شرب مع اتفاقهم على أنه آثم وأن عليه القضاء فقال بوجوب الكفارة مالك وأبو حنيفة لأنه انتهك حرمة الشهر فيلزمه ما يلزم من جامع في رمضان ، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يلزمه إلا القضاء والتوبة والاستغفار وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 26114، وأما كون هذا الرجل قد أفطر عمدا بشرب الماء كي يجامع زوجته بعدها فإن هذا قد قال بعض أهل العلم أن الكفارة لا تجب عليه، لكن الصحيح أنها لا تسقط عنه ، فقد أورد ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين تحت عنوان ( إبطال حيلة لإسقاط الكفارة ) قال : وكذلك المجامع في نهار رمضان إذا تغدى أو شرب الخمر أولا ثم جامع ، قالوا : لا تجب عليه الكفارة ، وهذا ليس بصحيح فإن إضمامه إلى إثم الجماع إثم الأكل والشرب لا يناسب التخفيف عنه بل يناسب تغليظ الكفارة عليه ، ولو كان هذا يسقط الكفارة لم تجب كفارة على واطئ اهتدى لجرعة ماء أو ابتلاع لبابة أو أكل زبيبة فسبحان الله هل أوجب الشارع الكفارة لكون الوطء لم يتقدمه مفطر قبله أو للجناية على زمن الصوم الذي لم يجعله الله محلا للوطء ، أفترى بالأكل والشرب قبله صار الزمان محلا للوطء فانقلبت كراهة الشارع له محبة ومنعه إذنا ، هذا من المحال ، وأفسد من هذا قولهم : إن الحيلة في إسقاط الكفارة أن ينوي قبل الجماع قطع الصوم فإذا أتى بهذه النية فليجامع آمنا من وجوب الكفارة، ولازم هذا القول الباطل أنه لا تجب كفارة على مجامع أبدا وإبطال هذه الشريعة رأسا فإن المجامع لا بد أن يعزم على الجماع قبل فعله وإذا عزم على الجماع فقد تضمنت نيته قطع الصوم فأفطر قبل الفعل بالنية الجازمة للإفطار فصادفه الجماع وهو مفطر بنية الإفطار السابقة على الفعل فلم يفطر به فلا تجب الكفارة. فتأمل كيف تتضمن الحيل المحرمة مناقضة الدين وإبطال الشرائع .
والله أعلم .