الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنك قد أخطأت بما ذكرته من المعاملة والخلوة مع تلك المرأة التي ذكرت من أمرها ما ذكرت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. واتفق الفقهاء على أن الخلوة بالأجنبية محرمة، وإذا كان يحصل بينك وبينها ملامسة ونحوها كان التحريم آكد، فعن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات.
وفيما يخص موضوع رضاعك منها، فمذهب الجمهور والأئمة الأربعة وغيرهم أن رضاع الكبير لا يحرم، وذهبت عائشة وبقولها قال ابن حزم: إلى أن رضاع الكبير يحرم مستدلة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما مولى أبي حذيفة فقال: أرضعيه تحرميه عليك. وفي رواية: أرضعيه حتى يدخل عليك. وفي رواية أنها قالت له: وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير. والحديث في صحيح مسلم وغيره.
وفي الموطأ والمسند وسنن أبي داود أن عائشة رضي الله عنها كانت تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال. والحديث طويل وفيه فوائد وهو صحيح، واستدل الجمهور بقول الله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ {البقرة:233}، وبما في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الرضاعة من المجاعة. والكبير لا تسد الرضاعة جوعته.
والذي عليه الجمهور هو الراجح، ولك أن تراجع للاستزادة الفتوى رقم: 32501، وعليه فإذا قامت تلك المرأة بإرضاعك فإنها لا تصير محرماً لك، فتب إلى الله تعالى وابتعد عنها.
والله أعلم.