الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما تم هو وعد بالزواج وليس زواجاً، لأنه لا يوجد صيغة من صيغ عقد النكاح فيما تم لا من قبل ولي المرأة ولا من قبل الخاطب، فخال الخاطب لما قال (فإن قبلته فقل قبلت فلان زوجاً لابنتي فلانة) هو سؤال من خال الخاطب لوالد المرأة عن القبول بفلان زوجاً، فكان جواب أبي المرأة بأنه قبل به زوجاً، والقبول به زوجاً ليس تزويجاً في الحال -أي: ليس فيه تنجيز للتزويج- ولم يقع قول الولي (قبلت) جواباً على طلب الخاطب الصريح، وإنما وقع جواباً لسؤال خال الخاطب بمدى قبول فلان زوجاً، إضافة إلى أن قول الخاطب (متمسك وثابت) ليس قبولاً، وإنما هو إعلام بأنه ما زال عند رغبته في طلب الزواج من فلانة.
قال الإمام الشافعي في الأم: وهكذا لو قال الولي: قد زوجتك فلانة، فقال الزوج: قد قبلت. ولم يقل تزويجها لم يكن نكاحاً حتى يقول قد قبلت تزويجها، ولو قال الخاطب: زوجني فلانة، فقال الولي: قد فعلت، أو قد أجبتك إلى ما طلبت، أو ملكتك ما طلبت، لم يكن نكاحاً حتى يقول: قد زوجتكها أو أنكحتكها، فإن قال: زوجني فلانة، فقال: قد ملكتك نكاحها أو ملكتك بضعها أو جعلت بيدك أمرها، لم يكن نكاحاً حتى يتكلم بزوجتكها أو أنكحتكها، ويتكلم الخاطب بأنكحنيها أو زوجنيها فإذا اجتمع هذا انعقد النكاح. انتهى.
وهذا مذهب الشافعية وهو يراعي الألفاظ في باب النكاح جداً، والمالكية مع توسعهم في الألفاظ إلا أنهم مع ذلك يشترطون وجود صيغة تدل على التأبيد، قال العلامة عليش المالكي في منح الجليل: (و) ينعقد النكاح (بـ) قول الزوج ابتداء للولي (زوجني فيفعل) الولي بأن يقول له زوجتك أو فعلت، فمتى تلفظ الولي أو الزوج بلفظ الإنكاح أو التزويج فيكفي أن يجيبه الآخر بما يدل على القبول بأي صيغة، ومتى خلا لفظهما معاً عنهما لم ينعقد إلا لفظ الهبة مع الصداق. انتهى.
وعليه؛ فما تم في الخطوبة المذكورة ليس عقد نكاح، وهذا الخاطب ما زال أجنبياً عنك، فلا يجوز لك الخلوة به ولا النظر إليه ولا غير ذلك مما يحرم بين الأجنبي والأجنبية، والخاطب إنما يجوز له النظر الذي يقرر به الإقدام على الزواج أولاً، وما عدا ذلك فهو فيه كأي أجنبي.
والله أعلم.