الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقول بأن لله تعالى يدا ليست كأيدينا ليس قولا مبتدعا بل هو قول دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه أهل السنة والجماعة ، قال الله تعالى : بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ {المائدة: 64 } وقال تعالى : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ {ص: 75 } وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم قال لموسى عليهما الصلاة والسلام : أنت يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوارة بيده . رواه مسلم والترمذي وأبوداود واللفظ له .
والقول بأن يد الله ليست كأيدينا دل عليه الوحي أيضا ، قال تعالى : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ {الشورى: 11 } وقال تعالى : هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا {مريم: 65 } قال الإمام ابن عبد البر المالكي رحمه الله تعالى : أهل السنة مجمعون على الإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ولم يكيفوا شيئا منها ، وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج فقالوا من أقر بشيء منها فهو مشبه . اهـ .
فأنت ترى أن الإقرار بالصفات محل إجماع بين أهل السنة وهم مع ذلك لا يكيفون ولا يمثلون ، وأما زعم صاحبك بأن هذا مخالف لقول الصحابة : أمروها كما جاءت . فجوابنا عليه من وجوه :
الأول : أن هذا ليس قولا مرويا عن الصحابة فيما نعلم، وإنما هو مروي عن جماعة من السلف من التابعين وأتباعهم بإحسان وهو قول حق .
ثانيا : أن الأشاعرة هم من يخالف هذا القول فهم يؤولون صفة اليد بالقدرة أو القوة فلم يمروها كما جاءت فهم يخالفون ما يستدلون به .
ثالثا : أن المقصود بقول السلف : أمروها كما جاءت . أي بلا تكييف وهذا هو المروي عنهم ، روى البيهقي في سننه عن الوليد بن مسلم قال : سئل الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث : فقالوا أمروها كما جاءت بلا كيفية . اهـ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى : أمروها كما جاءت بلا كيف . فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة . اهـ .
وانظر الفتوى رقم : 17967 ، حول إثبات صفة اليد .
والله أعلم .