الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت في الكتاب والسنة أن فعل الحسنة يمحو ويذهب السيئة، قال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ {هود:114}، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وأتبع السيئة الحسنة تمحها. رواه الترمذي وحسنه، ففعل الحسنة يغسل دنس السيئة لكن يحسن التنبيه لعدة أمور:
الأول: أن هذا خاص بصغائر الذنوب دون كبائرها في قول جمهور أهل العلم، قال في تحفة الأحوذي: لكن خصه الجمهور بالصغائر. انتهى، أما الكبائر فلا بد لها من حسنة التوبة الصادقة المستجمعة للشروط المذكورة في الفتوى رقم: 5450.
ثانياً: أن السيئة المتعلقة بحقوق الآدميين لا بد لها من الاستحلال منهم أو رد الحقوق إليهم، قال في فيض القدير: إن ذا يخص من عمومه السيئة المتعلقة بآدمي فلا يمحها إلا الاستحلال مع بيان جهة الظلامة إن أمكن ولم يترتب عليه مفسدة وإلا فالمرجو كفاية الاستغفار والدعاء.
ثالثاً: أن يكون الإنسان على خوف ووجل من الذنوب التي وقع فيها، وأن لا يغتر بكون الحسنة تمحو السيئة فإنه لا يدري هل يقبل منه العمل الصالح ويؤجر عليه أم لا؟ فالمؤمن يرى ذنوبه كالجبل يوشك أن يقع عليه، والمنافق يرى ذنوبه كالذباب قال بيديه هكذا فطار.
وأما ما ذكره السائل من أن الحسنة تمحو عشر سيئات فهذا لا نعلم دليلاً عليه، وهذا خلاف ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: وأتبع السيئة الحسنة تمحها. مع أن الحسنة يثاب عليها العبد بعشر حسنات، كما قال الله تعالى: مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا {الأنعام:160}.
والله أعلم.