الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإنفاق مصدر أنفق، وأنفق تأتي لمعان من أبرزها: افتقر أو صرف المال. قال ابن منظور في اللسان: أنفق الرجل إذا افتقر؛ ومنه قوله تعالى: إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ، أي خشية الفناء والنفاد، وأنفق المال: صرفه. وفي التنزيل: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ، أي أنفقوا في سبيل الله وأطعموا وتصدقوا.
وأما هل للإنفاق أصول فالجواب نعم قد ضبطته الشريعة بضوابط محكمة، فمنعت الإنفاق في الحرام، وندبت إلى التوسط في الإنفاق في المباح بين الإسراف والتقتير في نصوص كثيرة من القرآن والسنة، وأما عن كيفية إنفاق الحبيب صلى الله عليه وسلم على نفسه وأهل بيته، فإنه -صلى الله عليه وسلم- ما كان همه الدنيا، وقد ثبت أن أهل بيته كانوا يقضون الأزمنة ما يقتاتون غير التمر والماء. فقد روى ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد كان يأتي على آل محمد صلى الله عليه وسلم الشهر ما يرى في بيت من بيوته الدخان، قلت فما كان طعامهم، قالت الأسودان التمر والماء غير أنه كان لنا جيران من الأنصار جيران صدق، وكانت لهم ربائب فكانوا يبعثون إليه ألبانها، قال محمد وكانوا تسعة أبيات. وفي رواية: كان يمر بنا هلال وهلال ما يوقد في بيت من بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار.
وروى مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه.
وأما إنفاقه صلى الله عليه وسلم في الخير فقد كان أجود الناس بالخير. فقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم: كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
وكان يحث على بذل المال، فقد روى عبد الرزاق وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: كنت أمشي مع رسول صلى الله عليه وسلم في نخل لبعض أهل المدينة فقال: يا أبا هريرة: هلك المكثرون إلا من قال كذا وكذا وهكذا وهكذا... الحديث.
والله أعلم.