الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز إهداء ثواب قراءة القرآن أو غيرها من القربات لمسلم حي أو ميت، قال مصطفى الرحيباني الحنبلي في كتابه مطالب أولي النهي: وكل قربة فعلها مسلم وجعل المسلم بالنية -فلا اعتبار باللفظ- ثوابها أو بعضه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه ذلك بحصول الثواب له. انتهى. و قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: الحي في كل ما تقدم كالميت في انتفاعه بالدعاء ونحوه، كذا القراءة ونحوها.هـ وقال الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق تحت باب الحج عن الغير: الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاة كان أو صوماً أو حجاً أو قراءة قرآن أو أذكارا إلى غير ذلك من جميع أنواع البر، ويصل ذلك إلى الميت وينفعه.
ولكن الدعاء له بالهداية والصلاح والإكثار من ذلك والمداومة عليه أولى، والعامل أولى بثواب عمله، فإن هداه الله تعالى فبها ونعمت، وإلا فإن المخلوق لا يملك الهداية فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب هداية أقوام ويحرص عليهم فأنزل الله تعالى في ذلك آيات محكمات من كتابه العزيز منها قوله: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ.{القصص:56} وقوله: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفًا {الكهف:6} وقوله: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {فاطر:8}
فاجتهدي بالدعاء له فإن هداه الله تعالى واستقام وأراد الزواج منك فلا حرج عليك، وإلا فلا تذهبي نفسك عليه حسرات، واسألي الله تعالى أن يرزقك من أصحاب الدين والخلق من تقر به عينك وتسعد به نفسك: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي و ابن ماجه.
وما تجدينه تجاه غيره من شعور ونفور لا اعتبار له إن لم يكن عن استخارة، وكره لتقصير الخاطب في دينه أو دمامة خلقه ونحو ذلك. فقد يكون من الشيطان يريد أن يفتنك ويضلك عن سواء السبيل لأنه يكره العفاف ويريد الغواية والانحراف.
والله أعلم.