الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لنا ولك التوفيق إلى ما يحبه ويرضاه، وحسب ما فهمنا من السؤال أن ما يقوم به خطيبك من عمل يتضمن أمرين:
الأمر الأول: كتابة العقود وتوثيقها، وهذا من حيث الأصل جائز لكن يشترط أن تكون هذه العقود جائزة موافقة للشرع؛ كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 41235.
الأمر الثاني: التوسط بين البائع والمشتري نظير أجر، وهذا يعرف في الفقه الإسلامي بالسمسرة، وهو جائز أيضا بشرط أن يكون التوسط في بيع أو شراء شيء مباح شرعا، وأن تكون الأجرة معلومة ومتفقا عليها مسبقا. هذا من حيث الأصل، ولكن إذا كان خطيبك يعلم أن المشتري سوف يأخذ قرضا ربويا لشراء المنزل فلا يجوز له أن يسعى في إتمام العقد لما في ذلك من المعاونة له على ارتكاب الحرام، وقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ . وبالأحرى لا يجوز له أن يطلب من المشتري أن يقترض قرضا ربويا لشراء المنزل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا. رواه مسلم .
أما إذا كان لا يعلم بأن المشتري قد أخذ قرضا ربويا أو لم يعلم بذلك حتى أخذ المشتري هذا القرض فعلا فلا بأس أن يتوسط في البيع والشراء لأن القرض بعد قبضه يدخل في ملك المقترض ويصير دينا عليه ولا تحرم معاملته فيه، وسواء في ذلك القرض الربوي أو غيره؛ إلا أنه في القرض الربوي يأثم المقترض لتعامله بالربا، ويجب عليه التوبة إلى الله منه، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 45557، 53813.
ولا يجوز للمسلم أن يودع أمواله في بنك ربوي إلا إذا خشي عليها من الضياع والسرقة ولم يجد وسيلة لحفظها سوى ذلك، فله أن يجعلها في الحساب الجاري مع وجوب تخلصه من الفوائد الربوية إن وجدت.
والله أعلم.