الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرض إذا أدى إلى حصول منفعة لصاحب المال، فإن ذلك باب من أبواب الربا يدخل تحت القاعدة (كل قرض جر نفعاً فهو ربا)، فإذا كان العقد بينك وبين المؤجر وجيبة، بأن استأجرت منه المحل فترة من الزمن محددة -كسنتين أو ثلاث سنين ونحو ذلك- على أن كل شهر بكذا، فإذا عجلت له بعض الأجرة قبل وقته مقابل أن لا تدفع الإيجار عن ثمانية عشر شهراً، فإنك بذلك تكون قد أسلفته مقابل إعفائك من إيجار المدة المذكورة، وذلك لأن المعجل لما في الذمة يعتبر مقرضاً، والقرض إذا جر نفعاً للمقرض كان ربا كما بينا.
وأما إذا كان العقد بينك وبينه مشاهرة، وهي أن يؤاجر لك المحل على أن كل شهر مثلاً بكذا من غير تحديد مدة تنتهي إليها الإجارة، فهذا النوع من العقود صحيح عند كثير من أهل العلم، ولكل واحد من المتعاقدين فسخه متى شاء، فإذا أراد المؤجر أن تترك له المبلغ المذكور مقابل إعفائك من ثمانية عشر شهراً، كانت هذه وجيبة مستقلة، ولنضرب لهذا مثالاً حتى يتضح، فإذا كانت أجرة الشهر 4300 مثلاً، وافترضنا أن المبلغ المقدم 107500، فهذا يعتبر أجر خمسة وعشرين شهراً، فإذا تراضيتما على أن يكون هذا المبلغ عن ثلاثة وأربعين شهراً كان ذلك وجيبة وأجرة الشهر فيها 2500.
والحاصل أن ما ذكرته إن كان العقد الأول بينك وبين المؤجر عقد وجيبة كان ما تعاقدت عليه معه من جديد غير مباح، وإن كان عقد مشاهرة أو وجيبة منتهية المدة كان عقداً صحيحاً.
والله أعلم.