الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا علم لنا بتفاصيل أحوال البنوك، وما إذا كان هذا البنك أو ذاك يلتزم بالضوابط الشرعية في جميع تعاملاته أم لا.
وفيما يتعلق بمساهمة البنوك الربوية في رأس مال المصرف المذكور، فإن كان ذلك سيؤدي إلى أن يكون بعض تعاملاته خارجا عن نطاق الشريعة الإسلامية، فإن وضع الفلوس فيه حينئذ لا يجوز؛ لأن أدنى مراتب ذلك أن فيه عونا له على ما يقوم به من المخالفات الشرعية. والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2}.
وإن كان ذلك لا يخرج شيئا من تعاملاته عن نطاق الشريعة الإسلامية، فإن وضع الفلوس فيه يعتبر بمثابة معاملة حائز المال الحرام، وحائز المال الحرام قد ذهب كثير من أهل العلم إلى كراهة معاملته لمكان الاشتباه في وقوع التعامل في ما هو حرام، واستدلوا له بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير المتفق عليه: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه. ووجه استدلالهم بالحديث: أن وجود المال الحرام مختلطا بالمال الحلال يورث شبهة أن يكون التعامل قد وقع في المال الحرام، فإذا قام الاشتباه في وقوع التعامل بالمال الحرام، فالأولى للمسلم أن يستبرئ لدينه وعرضه، ويترك هذا التعامل مخافة أن يكون وقع في المال الحرام دون أن يدري، ودون أن يقصد.
وعليه، فإذا وجدت بنكا يلتزم بالضوابط الشرعية في جميع معاملاته، وليس في رأس ماله نسبة من المال الحرام، فلا شك أن وضع فلوسك فيه أفضل من إبقائها في البنك المذكور.
وإن لم تجد بنكا يتقيد بالضوابط الشرعية في جميع تعاملاته وكان البنك المذكور لا يتعامل إلا في حدود الشريعة الإسلامية، فلا بأس بإبقاء الفلوس فيه.
والله أعلم.