الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أولى ما يجب الاعتناء به في علاج ما ذكرت وغيره من أنواع الانحرافات؛ هو التعامل مع الأخت بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة، والتركيز على تقوية الإيمان وإصلاح القلوب وإتقان الصلاة، والحرص على تقوية صلة النفوس بالله تعالى، والإكثار من الحديث عن الأسباب المعينة على خشية الله تعالى، والرغبة في ما عنده، واستشعار مراقبته، والإكثار من الحديث عن الآخرة والقبر والجنة والنار، والترغيب في ذكر الله تعالى، وتعليم الأحكام الشرعية، فقد روى البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبدًا.
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. وفي الحديث: وأمركم بذكر الله -عزَّ وجلَّ- كثيرًا، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعًا في أثره، فأتى حصنًا حصينًا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله -عزَّ وجلَّ. رواه أحمد، والترمذي، والحاكم، وصححه الألباني.
واحرصي على توفير صحبة صالحة للأخت، وأبعديها عن الصحبة السيئة، ثم اعلمي أن الصلاة أمرها عظيم، وشأنها جليل، وتركها من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وإثم تركها أعظم من إثم قتل النفس والزنا، وأكبر من إثم شرب الخمر والسرقة وأكل الربا، وهذا بإجماع المسلمين، فلم يخالف في ذلك أحد منهم، وقد سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- تركها كفرًا في أحاديث عديدة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه النسائي، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الترمذي، والألباني.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم في صحيحه، ورواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه بلفظ: بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة. وصححه الترمذي، والألباني.
فليخش الإنسان على نفسه من هذا الوعيد الشديد، واعلمي أن صلاح الصلاة يعني صلاح الأعمال الأخرى، وفسادها يعني فسادها أيضًا، لأن أول ما يحاسب عليه المرء صلاته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإذا صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ترك الصلاة يحبط أعمال العبد، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال: بكروا بالصلاة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من ترك صلاة العصر حبط عمله. رواه البخاري في صحيحه.
ولا بأس باستعمال الرقية الشرعية من الكتاب والسنة يفعلها العبد لنفسه أو يطلب من يفعلها له من أهل الصلاح والاستقامة على السنة.
هذا؛ ومن أنفع ما يقي من السحر بل ومن كل شر: المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وقراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين عقب كل صلاة، وعند النوم، وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة، وقراءة كامل سورة البقرة في المنزل وتكرارها تطرد الشيطان كما صح بذلك الحديث، ولمزيد من التفصيل في هذا المقام تراجع الفتوى: 502.
وأما موضوع الزواج، فمن أهم وسائل تحقيقه إكثار الدعاء والمحافظة على الحجاب الشرعي والعفة والبعد عن الاختلاط، لقوله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور: 33 }، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ومن يستعفف يعفه الله. رواه البخاري من حديث حكيم بن حزام -رضي الله عنه-.
ولا غضاضه على المرأة أن تعرض نفسها على من يرتضى دينه وخلقه، ويمكن أن يتم ذلك بطلبه بواسطة إحدى محارمه، ويمكن أن يكون بواسطة أبيها هي أو أخيها كما عرض عمر بنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وقد عرض بعض نساء السلف نفوسهن على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعليكم بالحرص على تخفيف المهر، فهو من يُمْنِ المرأة كما في الحديث: إن من يُمْنِ المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها. رواه أحمد من حديث عائشة، وراجعي في أسباب استجابة الدعاء، وفي عرض الرجل بنته على أهل الصلاح الفتاوى التالية: 2150، 2395، 13770، 7087.
والله أعلم.