الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن للزواج في الإسلام مقاصد عظيمة، من أهمها إعفاف كل من الزوجين للآخر، ويجب على الزوج معاشرة زوجته - بما في ذلك الجماع - لتحقيق ذلك، وأدنى ذلك أن يطأها مرة كل طهر إن استطاع، فمعاشرة الزوجة بالمعروف واجبة، لقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19} قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ . انتهى.
والجماع من آكد الحقوق للمرأة على زوجها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى: ويجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف وهو من أوكد حقها عليه أعظم من إطعامها، والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقدر حاجتها وقدرته، كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته وهذا أصح القولين. انتهى كلامه رحمه الله . والرجل مأجور بإتيانه أهله، ولو لم يكن له شهوة ولا تلذذ في ذلك، قال ابن قدامة: سئل أحمد: يؤجر الرجل أن يأتي أهله وليس له شهوة؟ فقال: إي والله يحتسب الولد، وإن لم يرد الولد، يقول: هذه امرأة شابة لم لا يؤجر؟ انتهى. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كان جميل المعاشرة لنسائه، دائم البشر معهن، يداعبهن ويلاطفهن ويضاحكهن، حتى إنه كان يسابق عائشة يتودد إليها بذلك، وكان ربما خرج من بيته إلى الصلاة فيقبل إحداهن، وحث أصحابه على ملاطفة النساء، فقال لجابر رضي الله عنه كما في الصحيحين : هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك. وأخرج النسائي عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني فآكل معه وأنا عارك ـ أي حائض ـ وكان يأخذ العـرق فيقسم علي فيه فأعترق منه، ثم أضعه، فيأخذه فيتعرق منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من العـرق، ويدعو بالشراب فيقسم علي فيه من قبل أن يشرب منه فآخذه، فأشرب منه، ثم أضعه فيأخذه فيشرب منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من القدح . رواه النسائي وأصل الحديث في مسلم. والعـرق (بفتح العين وسكون الراء): العظم الذي أخذ عنه معظم اللحم. وأخرج أحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم خلقا .
وعلى الزوج أن يعلم أن ملاطفته لزوجته، ومداعبته لها، ومؤانسته إياها، كل ذلك مما يمد الحياة الزوجية بالسعادة، وفقدان ذلك ربما أدى إلى خسران السعادة الزوجية والحياة البيتية ، وقد روى أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية، وكانت عند عثمان بن مظعون، قالت: فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها. فقال لي: يا عائشة، ما أبذ هيئة خويلة، قالت: فقلت: يا رسول الله امرأة لا زوج لها، يصوم النهار ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها فتركت نفسها وأضاعتها، قالت: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون، فجاءه، فقال: يا عثمان أرغبة عن سنتي؟ قال: فقال: لا، والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب، قال: فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر وصل ونم. وحسنه الأرناؤوط. فهذا الرجل كان ينشغل عن أهله بالعبادة، فأوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بتقوى الله ومراعاة حق زوجته ، ونحن لا نقول لك أيها السائل إلا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتق الله، وعاشر أهلك بالمعروف، وحافظ عليها، وأعطها حقها فإنها لا ذنب لها، ولأن ترك زوجتك بهذه الصورة قد يؤدي إلى انحرافها، فتكون قد أعنت الشيطان عليها.
ولا يجوز لك بأي حال من الأحوال فعل العادة السرية سواء كنت تجامعها أو لا تجامعها، لأن فعلها محرم وقد أغناك الله عنه بالمباح ، ولمعرفة الحكم بالتفصيل فيها وفي نظر الحرام في التلفاز ومعرفة ما يساعد على الإقلاع عنها راجع الفتاوى التالية أرقامها: 52421 ، 7170 ، 59985 ، 65382 ، 66841 . وراجع في الترغيب في الصلاة وخطورة تركها الفتوى رقم: 62008 ، وعليك باستشارة الأطباء النفسانيين فيما يتعلق بمشكلة السهر والأرق ، ونوصيك باللجوء إلى الله تعالى والإكثار من التعبد، فالله تعالى يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، ويجب عليك الآن أن تتوب من تقصيرك في الصلاة و في حق زوجتك، ومما قمت به سابقا من فعل العادة السرية ، وذلك لا يتم إلا بثلاثة شروط: الأول: ترك هذه الذنوب ، الثاني: الندم على ما حصل منها ، الثالث: العزم على عدم العودة إليها أبدا.
والله أعلم.