الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يجعل لكم من كل هم فرجا, ومن كل ضيق مخرجا, ولتعلموا أن هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، وعلى المسلم أن يرضى بقضاء الله تعالى وقدره, ويلتجئ إليه بالدعاء في سره وعلانيته, فهو وحده الذي يستجيب دعوة الداعي إذا دعاه, ويكشف الضر عن من ناداه.
ومن أساسيات عقيدة المسلم أن يعتقد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن عليه أن يرضى بما قدر الله تعالى له.
ففي صحيح مسلم مرفوعا أن الله تعالى قدر مقادير الأشياء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة, وعرشه على الماء.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء, وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم, فمن رضي فله الرضى, ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن, إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.
والابتلاء يكون بالخير وبالشر وبالنفع وبالضر كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35} فمن ابتلي بشر فليحمد الله أنه لم يكن في دينه ولم يكن أعظم.
وعلى هذا الأخ أن يصبر ويرضى بقضاء الله وقدره, فما هو أول من سجن ظلما وعدوانا, فقد سبقه لذلك الأنبياء والعلماء والدعاة والمصلحون عبر التاريخ, فكان ذلك رفعا لدرجاتهم.
وعليه أن يكثر من الدعاء لله عز وجل كما قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:186} وقال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ {النمل:62} ودعوة المظلوم مستحابة ليس بينها وبين الله حجاب كما في الصحيحين.
وعليه أن يجعل تعلقه وأنسه وصلته بالله عز وجل وذلك بأداء العبادة وتلاوة القرآن فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطَّلاق:4}
والله أعلم.