الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية وقص الشارب وتكرر الأمر بذلك في عدة أحاديث في الصحيحين وغيرهما ، ولذلك فيجب على المسلم توفيرها ما دام يستطيع إلى ذلك سبيلا ، أما إذا كان توفيرها يسبب له ضررا محققا فله أن يخففها إذا كان ذلك يرفع عنه الضرر, ولا يجوز له حلقها إلا إذا تعين الحلق وسيلة لرفع ذلك الضرر لأن الله يقول : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ {البقرة: 173 } وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم : 3198 ، نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها .
ولذلك فإذا كان هذا الأخ لا يحتاج إلى العمل المذكور أو كان يجد عملا غيره لا يسبب له توفير اللحية فيه ضررا محققا أو غالبا على الظن فإن ما فعل من ترك هذا العمل هو الصواب ، ولا يجوز له أن يهجر المسجد أو يترك الصلاة فيه مع الجماعة طاعة لأمه أو لغيرها ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف . رواه مسلم وغيره .
ومع ذلك فإن عليه أن يبر والديه ويحسن إليهما ويطيعهما في غير معصية وخاصة الأم, ونرجو أن تطلع على المزيد في الفتوى رقم : 52814 ، وما أحيل عليه فيها .
وسيجعل الله تعالى له من كل هم فرجا, ومن كل ضيق مخرجا؛ كما قال الله تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2 ـ 3 } نسأل الله تعالى أن يحفظكم من كل مكروه, ويوفقكم لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .