الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأسماء الله -تبارك وتعالى- عند الجهمية ومن وافقهم: أعلام محضة، لا تدل على صفات قائمة بالرب -تبارك وتعالى-، فيقولون عن الله: عالم بلا علم، سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، قادر بلا قدرة، حي بلا حياة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وبهذا يتبين لك أنهم يدعون الله بأسمائه، ولكن يعتقدون بأنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني.
ومن الطرائف ما حكاه الألوسي في كتابه: جلاء العينين في محاكمة الأحمدين، عن بعضهم من أن جهم بن صفوان الترمذي كان يدعو الناس إلى مذهبه الباطل، وهو أن الله تعالى عالم لا علم له، قادر لا قدرة له، وكذا في سائر الصفات، وكان جلس يومًا يدعو الناس لمذهبه وحوله أقوام كثيرة، فجاء أعرابي ووقف حتى سمع مقالته، فأرشده الله تعالى إلى بطلان هذا المذهب فأنشد يقول:
ألا إنَّ جهمًا كافِرٌ بان كُفرُهُ ومَن قال يومًا قول جَهمٍ فقد كفرْ
لقد جُنَّ جَهمٌ إذ يُـسمِّي إلــهَـهُ سميـعًا بلا سمـعٍ بـصيـرًا بِلا بَـصَر
عليمًا بلا عِلمٍ رضِيًّا بلا رضى لطيفًا بلا لُطفٍ خبيرًا بلا خَبَر
أيُرضيكَ أن لو قال يا جهمُ قائلٌ أبوك امرؤٌ حرٌّ خطيرٌ بلا خَطَر
مليحٌ بلا مُلحٍ بهِيٌّ بلا بهى طويلٌ بلا طولٍ يُخالِفُه القِصَر
حليمٌ بلا حُلمٍ وفِيٌّ بلا وفى فبالعقلِ موصوفٌ وبالجهلِ مُشتَهَر
جوادٌ بلا جودٍ قويٌّ بلا قوى كبيرٌ بلا كُبرٍ صغيرٌ بلا صِغَر
أمدحًا تُراهُ أم هِجاءً وسُبَّةً وهزءًا كفاك الله يا أحمقَ البَشَر
فإنَّـكَ شيطانٌ بُعِثتَ لِأُمَّةٍ تُصَيِّرُهم عمَّا قريـبٍ إلى سَقَر
فألهم الله هذا الأعرابي الذي على فطرته حقيقة مذهب أهل السنة، ورجع كثير من الناس ببركة أبياته، وكان عبد الله بن المبارك يقول: إن الله تعالى بعث الأعرابي رحمة لأولئك. اهـ.
والله أعلم.